الرواية عموم حكم الحمار لما ماثلها في الجنّة ، حيث جعل الحيوانات أصنافا
بحسب الجثّة فيشمل البقرة » [١].
وإلى ذلك نزّل
ما تقدّم من عبارات القدماء قائلا : « بأنّ الظاهر أنّ الكلّ فهموا من رواية
الحمار وغيرها ما ذكرنا من إرادة المثال » [٢].
ولا يخفى على
الفطن العارف أنّ ذلك في غاية الجودة ، وأجود ممّا رامه العلّامة في المنتهى [٣] من الاستناد
في تعميم الحكم إلى ما رواه الشيخ ـ في الصحيح ـ عن الفضلاء الثلاثة زرارة ،
ومحمّد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليهماالسلام في البئر يقع فيها الدابّة والفأرة والكلب والطير فيموت؟
، قال : « يخرج ثمّ ينزح من البئر دلاء ، ثمّ اشرب وتوضّأ » [٤].
فقال في وجهه :
« قال صاحب الصحاح : « الدابّة » اسم لكلّ ما يدبّ على الأرض ، و « الدابّة » اسم
لكلّ ما يركب ، فنقول : لا يمكن حمله على المعنى الأوّل وإلّا لعمّ ، وهو باطل لما
يأتي ، فيجب حمله على الثاني.
فنقول
: الألف واللام
في « الدابّة » ليست للعهد ، لعدم سبق معهود يرجع إليه ، فإمّا أن يكون للعموم كما
ذهب إليه الجبّائيان ، أو لتعريف الماهيّة على المذهب الحقّ ، وعلى التقديرين يلزم
العموم في كلّ مركوب.
أمّا الأوّل :
فظاهر ، وأمّا الثاني : فلأنّ تعليق الحكم على الماهيّة يستدعي ثبوته في جميع صور
وجودها وإلّا لم يكن علّة ، هذا خلف ، وإذا ثبت العموم دخل فيه الحمار ، والفرس ،
والبغل ، والإبل ، والبقر [نادرا] غير أنّ الإبل والثور خرجا بما دلّ بمنطوقه على
نزح الجميع ، فيكون الحكم ثابتا في الباقي.
فإن
قلت : يلزم التسوية
بين ما عدّده الإمامان عليهماالسلام.
قلت
: خرج ما استثنى
بدليل منفصل ، فيبقى الباقي لعدم المعارض ، وأيضا : التسوية حاصلة من حيث الحكم
بوجوب نزح الدلاء ، وإن افترقت بالكثرة والقلّة ، وذلك شيء
[١] كتاب الطهارة ـ للشيخ
الأنصاري رحمهالله
١ : ٢١٩.