السؤال ـ إنّما نشأت عن شبهة طهر المحلّ الّذي ورد عليه المطر بعد المطر
وطهارة الماء الملاقي له ، وقد علم بذلك الإمام عليهالسلام فأجابه بما يرفع شبهته الّتي هي المنشأ ، ولعلّ هذا
المعنى هو الظاهر المنساق من الرواية بملاحظة ما ذكر ، وكأنّه إليه يرجع ما في
منتهى العلّامة [١] وتبعه الجماعة في دفع احتجاج الشيخ بالرواية من حمل
الجريان الوارد فيها على النزول من السماء ، ويوافقها على هذا المعنى الرواية
السابعة المتضمّنة لقوله عليهالسلام : « إذا جرى به المطر فلا بأس » لوضوح عود الضمير
المجرور إلى المكان المذكور في السؤال ، الّذي يجري فيه المطر ، مع ملاحظة ما
أشرنا إليه من ظهور الجريان حيثما يسند إلى « المطر » دون « ماء المطر » في النزول
والورود ، ولا ضير في موافقة الشرط المأخوذ في الشرطيّة الواردة في الجواب لما هو
مفروض في السؤال. ولا يكون نظائره أجنبيّة عن تأدية العبارة ، لأنّ تعليق نفي
البأس عليه إعطاء للحكم في موضوعه الّذي فرضه السائل ، وهذا نظير ما لو قيل للطبيب
مثلا : « أكلت اليوم الهندباء » ، فيقول : « إذا أكلت الهندباء أو إن أكلت
الهندباء فنعم ما فعلت »
غاية ما في
الباب لزوم عدم اعتبار المفهوم في مثله ، ولا ضير في ذلك بعد قيام القرينة عليه ،
لما قرّر في محلّه من أنّ التعليق بالشرط إذا ورد لبيان موضوع الحكم ـ كما في قولك
: « إن أصبت ماء فاشربه » ـ فلا مفهوم له ، أو أنّ المفهوم إنّما يعتبر في
الشرطيّة إذا لم يكن المسكوت عنه معلوما حكمه قبل الخطاب ، والظاهر أنّ مورد
الرواية أقرب إلى هذه القاعدة ، ضرورة أنّ ثبوت البأس في المكان المفروض في السؤال
بلا جريان المطر به ـ على معنى وروده عليه ـ ممّا كان معلوما للسائل ، وإنّما
تعرّض للسؤال استعلاما لارتفاع ذلك البأس بالمطر وعدمه.
ولا يخفى أنّ
هذه الرواية أقوى دلالة على المعنى المذكور من الصحيحة ، غير أنّها غير صالحة إلّا
لتأييد هذا المعنى في الصحيحة ، لمكان ما فيها من الإرسال بعدم معلوميّة سندها ،
والغرض من التأييد بتلك الرواية استظهار كون إطلاق الجريان على نزول المطر من
السماء صحيحا في عرفهم ، وإن كان مطلقه ينصرف إلى السيلان من الأرض ، ففرق بين
الجريان المطلق ومطلق الجريان ، وعلى قياس هذا المعنى ما في العلاوة الّتي عرفتها
عن الوسائل عن