ما عرفت من
البحث في العنوانين المتقدّمين بحث يلحق نوع الماء بما هو هو من دون نظر إلى
أقسامه الخاصّة المندرجة تحته ، فأحدهما : ما لحقه باعتبار خلقته الأصليّة من حيث
إنّ خلقته هل هي على وصف الطهارة أو لا؟.
وثانيهما
: ما لحقه
باعتبار الطوارئ اللاحقة به من حيث قبوله من جهتها النجاسة وعدمه ، وقد عرفت ما هو
التحقيق في كلا المقامين.
ثمّ
، إنّ هاهنا
عناوين اخر مخصوصا كلّ واحد منها بقسم خاصّ من أقسامه المتقدّم إليها الإشارة في
الجملة ، ومن جملة تلك العناوين ما هو مخصوص بالكثير الراكد في مقابلة القليل ،
والبحث في هذا العنوان يلحقه من جهات :
الجهة
الاولى : اختلف العلماء
من الخاصّة والعامّة في تقدير الكثير الّذي لا يقبل الانفعال بمجرّد ملاقاة
النجاسة ، ففي منتهى العلّامة [١] عن الشافعي وأحمد أنّهما ذهبا إلى تقديره بالقلّتين [٢] ، احتجاجا
بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا بلغ الماء قلّتين لم يحمل خبثا » [٣].
وعن أبي حنيفة [٤] : « إن كان
الماء يصل بعضه إلى بعض نجس بحصول النجاسة فيه وإلّا فلا ، واختلف أصحابه في تفسير
هذا الكلام ، فعن أبي يوسف والطحاوي تفسيره بحركة أحد الجانبين عند حركة الآخر
وعدمها [٥] ، فالموضع الّذي لم يبلغ التحرّك إليه لا ينجّس.