الاستصحاب لزم الحرج العظيم و اختلال النظام المنفي عموما و خصوصا بقوله (عليه السلام): في الرواية السابقة: «لو لم يجز هذا لما قام للمسلمين سوق».
و ذلك؛ لأنّ كثيرا من الأمور مما يتعسّر أو يتعذّر العلم ببقائها في الآن اللاحق مثل: الرشد و العدالة و الملكية و الزوجية و الرقّية و الحياة و اشتغال الذمّة و الإعسار و الوصية و نحو ذلك.
و لا ريب أنّ قوام النظام بقطع الخصومات في هذه الأمور، فلو لم يسمع البيّنة المستندة إلى الاستصحاب فيها لزم إمّا تعطيل الدعوى أو إيجاب اليمين على المنكر، و في الأوّل فوات ما قصد من نصب الحكّام، و في الثاني فتح لإبطال الدعاوي الصادقة بالأيمان الكاذبة.
[التلازم يبن وجوب قبول الشهادة و جواز أدائها]
ثمّ إذا ثبت وجوب قبول الشهادة مع العلم باستناده إلى الاستصحاب ثبت جواز أدائه كذلك.
فإن قلت: إنّ اختلال النظام إنّما يحصل لو لم يسمع البيّنة المستندة إلى الاستصحاب أصلا و مطلقا، أمّا لو قلنا بالسماع إذا ذكر الشاهد و بيّن مورد الاستصحاب، و هو العلم بالشيء سابقا و الشك في بقائه لاحقا بأن يذكر مثلا أنّ هذا كان ملكا لفلان في السابق و لا أعلم بانتقاله عنه حتى يرتّب القاضي عليه الحكم بمقتضى الاستصحاب، فلا يلزم اختلال أصلا.
قلت، أوّلا: إنّ الشهادة بالملكية استنادا إلى الاستصحاب ترجع أيضا إلى الشهادة بالملكية السابقة بإضافة عدم العلم بزوالها فلا وجه لمنعها، و بعبارة أخرى: إذا شهد الشاهد بأنّه هذا ملك في الحال لزيد فلا وجه للمنع عنها و عدم سماعها؛ لأنّه إمّا أن يكون عالما بالملكية الواقعيّة و إمّا أن يكون عالما بالظاهريّة، و على الثاني يكون قد شهد بالحالة السابقة.