و هل يلزم بالتكسب؟ قولان، أقواهما ذلك؛ لكونه مقدمة للواجب المطلق، و هو إيفاء الدين الواجب بالعقل؛ لكون تركه ظلما عرفا و شرعا؛ لقوله (عليه السلام): «مطل الغنيّ ظلم» [1] و القادر على التكسب غنيّ عرفا؛ و لهذا يمنع عن الزكاة، ألا ترى أنّه لا يفرق في تحقق الغنى عرفا و لا في صدق ظلم الغريم بين قدرة الإنسان على إجارة نفسه و بين قدرته على إجارة الدار التي لا يملك إلّا منفعتها؟ و مجرّد كون منفعة الدار مالا، و منفعة نفسه غير مال- و إنّما يعوض بالمال- لا يوجب الفرق في العرف بالبداهة.
و لقد كفانا المحكي عن المصنّف (قدّس سرّه) في المختلف توضيح المطلب حيث إنّه- في تقريب ما ذكره في الوسيلة من أنّه إذا كان ذا حرفة دفعه إليه ليستعمله، فما فضل عن قوته و قوت عياله بالمعروف أخذ بحقه [2]- قال:
و ما ذكره ابن حمزة ليس بعيدا من الصواب؛ لأنّه متمكن من أداء ما يجب عليه، و إيفاء الدين واجب فيجب عليه، كما يجب عليه السعي في المئونة كذا يجب أداء الدين. قال: و نمنع إعساره لأنّه متمكّن.
و لا فرق بين القدرة على المال و القدرة على تحصيله، و لذا منعنا القادر على التكسب بالصنعة و الحرفة عن أخذ الزكاة، باعتبار إلحاقه بالغنيّ القادر.
قال: و الآية [3] متأوّلة بالعاجز عن التكسب و التحصيل، و كذا ما ورد من
[1] الوسائل 13: 90، الباب 8 من أبواب الدين و القرض، الحديث 3، و هو من ألفاظ رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم)، كما في المصدر.