جارياً في نفسه، إلّا أنّه مبتلىً بأصل حاكم، و هو أصالة عدم حدوث الفرد الطويل، فإنّ الشكّ في بقاء الكلّيّ و عدمه مسبّب عن الشكّ في حدوث الفرد الطويل و عدمه، و مع جريان الأصل في السبب لا تصل النوبة إلى الأصل المسبّبي [1].
و قبل الجواب عن هذا لا بأس بالتوجّه إلى أُمور:
1 ذكروا: أنّه لا بدّ من ترتيب الآثار مع الواسطة للمستصحب بنفس الاستصحاب فيه إذا كانت شرعيّة [2]، مع أنّ هنا إشكالًا عقليّاً، و هو أنّ التعبّد بالاستصحاب لترتيب أثر نفس المستصحب، يكون موضوعاً لترتيب أثر الأثر. و هكذا، و هذا مستحيل؛ للزوم اتّحاد الحكم و الموضوع، و إشكالًا عقلائيّاً، و هو أنّ ظاهر الدليل هو التعبّد بلحاظ أثر نفس المستصحب، و أثر الأثر ليس أثراً [3].
2 ما هو الميزان للتفريق بين الأُصول المثبتة و غيرها؟
3 ما هو الملاك في تقديم الأصل الجاري في السبب على الأصل الجاري في المسبّب؟
و الجواب عن جميع ذلك: أنّ المتعبد به في الاستصحاب ليس ترتيب الأثر، بل إنّما هو نفس المستصحب، فاستصحاب عدالة زيد مثلًا لا يكون متكفّلًا بالتعبّد بشيء إلّا نفس عدالة زيد.
نعم، لا بدّ و أن يكون في البين أثر شرعيّ؛ صوناً لكلام الحكيم من اللغويّة في التعبّد، و هذا أمر آخر، و أمّا المثبِت للآثار فهو أدلّة تلك الآثار، كجواز الطلاق عند العادل، فاستصحاب العدالة منقّح لموضوع تلك الكبرى الشرعيّة، و لزوم تربّص المطلّقة يثبت بدليله الشرعي كقوله تعالى وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ