بين الأُمور المتأخّرة التي لها دَخْل في المتقدّم، فإنّها لا تخلو عن أحد أقسام ثلاثة:
الأوّل: كالقبض في الصَّرْف و السَّلَم، و القبض في الهبة و الوقف، و نحو ذلك.
و الثاني: كالإجازة من المالك و المرتهن و نحوهما.
و الثالث: كإخراج الزكاة بعد بيع الزكوي، و إبراء الدين من المرتهن، و فكّ الراهن الرهانة، و نحو ذلك.
أمّا القسم الأوّل: فيتوقّف تأثير العقد على وجوده، و لا مجال لتوهّم الكشف فيه مطلقاً؛ سواء كان جزء المؤثّر، كالقبض في الصرف و السلم، أم كان شرطاً للصحّة في الرهن و الهبة و الوقف.
و أمّا الثاني: فحيث إنّه ناظر إلى ما وقع و إنفاذ لما سبق، فيوجب تأثيره فيما سبق بالنسبة إلى ما يمكن أن يتعلّق به الإنفاذ.
و أمّا الثالث: فهو و إن لم يكن في الظهور مثل الثاني، إلّا أنّه في نظر العقلاء حكمه حكم الثاني، فإنّ العرف و العادة بحسب ما ارتكز في أذهانهم يرون الأمر الذي يصير موضوعاً للحكم بتوسّط العنوان المتأخّر، أنّه هو الموضوع، فالآثار المترتّبة على هذا الموضوع تترتّب عليه من أوّل الأمر، و هذا الأمر المتأخّر بمنزلة الواسطة في الثبوت، و الأدلّة الواردة في هذا الباب إمضاء لما ارتكز في أذهان العقلاء، و ناظرة إلى ما هم عليه، و الجامع بين القسمين الأخيرين أنّ موضوع الحكم هو المنفذ، و الإنفاذ و ما يرجع إليه ناظر إلى المتقدّم [1]. انتهى محلّ الحاجة.