حصول الجدّ منه. نعم، بناء على ما مرّ سابقاً في باب الإيجاب و القبول، و ذكرنا في الفضولي أيضاً: من أنّ ما بيد العاقد نفس اعتباره الإنشائي، و الاعتبار العقلائي أمر غير اختياريّ له و يترتّب على موضوعه [1]، فيمكن حصول الجدّ أيضاً مع توقّع الإجازة، و أمّا مع العلم بعدم تحقّق الإجازة بعد ذلك، فلا يحصل الجدّ نظير ما سيجيء، فانتظر.
التقريب الثالث:
أنّهم ذكروا في بحث الصحيح و الأعمّ في الأُصول: أنّ أسامي المعاملات بنظر العقلاء موضوعة للمسبّبات لا الأسباب [2]، و لذلك لا تقبل الصحّة و الفساد، بل أمرها دائر بين النفي و الإثبات دائماً بلا واسطة تكون فاسدها، فالعقد الفاسد عرفاً ليس بعقد عندهم، و عليه لا يمكن تصحيح العقد الفضولي بالإجازة، فإنّ العقد الصادر منه بمجرّده لا يترتّب عليه الأثر عند العقلاء، فليس بعقد عندهم، و يكون في حكم العدم، و الإجازة تصحّح العقد، لا ما يكون في قوّة العدم [3].
و الجواب عن ذلك: فساد المبنى، فإنّ الصحيح أنّ الألفاظ موضوعة لما ينشئه العاقد من الألفاظ أو المعاني الإنشائيّة، و المعاملات تتّصف حينئذٍ بالصحّة و الفساد، كما لا يخفى [4].
[3] و يمكن التقريب بأنّه بناء على القول بأنّ أسامي المعاملات موضوعة للمسبّبات أي المعتبرة بعد الإنشاء لا يمكن التمسّك بالأدلّة العامة لإنفاذ الفضولي، فإنّه من الشبهة المصداقية لها. المقرّر دامت بركاته.
[4] هذا مضافاً إلى أنّه لو سلّمنا الوضع للمسبّبات، لكن لا نسلّم الوضع للمسبّبات الشرعية؛ أي بلحاظ حكم الشارع بترتّب الآثار، بل بما أنّ ماهيّة المعاملات من الأُمور العرفيّة، فعلى القول بوضع أساميها للمسبّبات، لا بدّ من القول بأنّ المسمّى هي المسبّبات العرفيّة و العقلائيّة، و بهذا المعنى أيضاً قابل للصحّة و الفساد شرعاً، و لا يكون العقد الفضولي من الشبهة المصداقية في شيء، فإنّه لم يقع الترديد في بناء العقلاء في الفضولي، و قد تقدّم بناؤهم على ترتيب الآثار. المقرّر دامت بركاته.