بأنّ إسناد عدم الحلّيّة إلى نفس المال و هو الذات لا يمكن إلّا بالادّعاء، كما مرّ مفصّلًا، و الادّعاء يحتاج إلى مصحّح، فلا بدّ إمّا من كون المال ذا أثر ظاهر؛ بحيث يدّعى سائر الآثار في حكم العدم، أو يقال: إنّ عدم الحلّيّة مترتّب على جميع آثار مال الغير و شؤونه، فكأنّه تعلّق بنفس المال، و حيث إنّه ليس للمال أثر ظاهر بحيث تكون سائر الآثار في جنبه كالعدم فالثاني هو المتعيّن، و ليس المراد منها عدم جواز التصرّف في المال فقط لما ذكرنا، بل موردها أيضاً ليس من قبيل التصرّف في شيء، بل المورد الأمانة، و هي استنابة في الحفظ، و لذا عبّر في الرواية بعدم حلّ المال، و من آثار المال حفظه، بخلاف رواية الاحتجاج [1]، فإنّه عبّر فيها بعدم حلّيّة التصرّف في المال، و لكن لا يخفى أنّ هذه لا تدلّ على الضمان في المقبوض بالعقد الفاسد بوجه، و الضمان أجنبيّ عن مدلولها، و لو سلّمنا فهي ناظرة إلى الإتلاف لا التلف، بل يمكن أن يقال فيها ما قلنا في سابقها أيضاً: من أنّها على خلاف المطلوب أدلّ.
تمسّك الشيخ للضمان بقاعدة «لا ضرر» و مناقشته
و قد تمسّك الشيخ (رحمه اللَّه) لإثبات الضمان بقاعدة «لا ضرر» [2]، و لسنا فعلًا بصدد تحقيق بيان القاعدة و دلالتها و لكن نبيّن إمكان التمسّك بها في المقام لإثبات الضمان و عدمه، فنقول
[1] انظر كمال الدين: 521/ 49، الاحتجاج 2: 559/ 351، وسائل الشيعة 6: 377، كتاب الخمس، أبواب الأنفال، الباب 3، الحديث 6.
[2] الكافي 5: 294/ 8، الفقيه 4: 243/ 2، عوالي اللآلي 1: 383/ 11 و 2: 74 و 3: 220، وسائل الشيعة 17: 341، كتاب إحياء الموات، أبواب إحياء الموات، الباب 12، الحديث 4، المكاسب: 103/ سطر 4.