و ثانياً: لو سُلِّم ذلك المبنى فلا يمكن الالتزام بأنّ الخارج يثبت في الذمّة، و هذا ظاهر. فصاحب هذا المبنى يريد بذلك: أنّ الذمّة مشغولة بعنوان غير قابل للانطباق في الخارج إلّا على فرد واحد، و لا يلزم أن يكون العنوان متصرّم الوجود كمعنونه، فالذّمّة مشغولة بالعنوان، و هو أمر ثابت، و المعنون بهذا العنوان وقع تحت اليد، و هو متصرّم الوجود.
كلام الشيخ في إثبات ضمان المنافع و الأعمال و مناقشته
ل الشيخ (رحمه اللَّه) لإثبات الضمان في المنافع و الأعمال: «اللّهمّ إلّا أن يستدلّ على الضمان فيها بما دلّ على احترام مال المسلم، و أنّه لا يحلّ إلّا عن طيب نفس منه [1]، و أنّ حرمة ماله كحرمة دمه [2]» [3].
أمّا الجملة الأخيرة: «أنّ حرمة ماله كحرمة دمه»، فيحتمل كون المراد من الحرمة فيها الحرمة التكليفيّة، كما قيل [4] أيضاً؛ بمعنى أنّ التصرّف حرام كما أنّ إراقة الدم حرام، فعليه لا تدلّ الرواية على الضمان بوجه، و هذا ظاهر.
و لكن ملاحظة سياق الرواية تشهد بأنّ الحرمة وضعيّة، و أنّ مال المسلم محترم كدمه، و حيث إنّ ظاهر التشبيه كونه بلحاظ جميع الآثار، فتدلّ الرواية على أنّ مال المسلم كدمه في الاحترام، و معناه أنّه لا يجوز التصرّف فيه كما لا يجوز إراقته، و عند التلف لا بدّ من جبره، كما أنّه في الدم أيضاً كذلك، فتدلّ الرواية حينئذٍ
[1] مسند أحمد بن حنبل 5: 72، الكافي 7: 273/ 12، سنن البيهقي 6: 100، عوالي اللآلي 1: 222/ 98، وسائل الشيعة 19: 3، كتاب القصاص، أبواب القصاص، الباب 1، الحديث 3.
[2] الكافي 2: 268/ 2، الفقيه 4: 300/ 909، عوالي اللآلي 3: 473/ 4، وسائل الشيعة 8: 610، كتاب الحجّ، أبواب أحكام العشرة، الباب 158، الحديث 3.