و أمّا ما ذكره: من عدم كون مثل هذه المطلقات في مقام البيان، فلا محصّل له، و كيف تمكن هذه الدعوى في مثل «الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالًا» [1]؟! و أمّا ما ذكره أخيراً: من الملازمة بين الصحّة و اللزوم، فغريب؛ فقد مرّ سابقاً: أنّ العقد بعد إثبات صحّته يحتاج في لزومه إلى دليل و لو الاستصحاب، فما ذكره: من أنّ ما وقع صحيحاً لا ينقلب عمّا وقع عليه، أو يؤثّر دائماً، و نحو هذه الألفاظ، لا واقع لها.
التحقيق في حل الإشكال
و كيف كان، فالتحقيق في حلّ الإشكال: أنّ المراد من العقد أو البيع أو التجارة و نحوها ليس الإيجاب و القبول؛ حتّى يقال: لا بدّ من التوالي بينهما، فإنّ لهذه العناوين وحدة عرفيّة، بل المراد منها الأمر الاعتباريّ الذي يعتبره العقلاء بعد تحقّق موضوعه و هو الإيجاب و القبول على المعروف، و الإيجاب فقط على ما ذكرنا، فوحدة عنوان العقد أو البيع هكذا لا تستلزم اعتبار التوالي في موضوعها، مضافاً الى أنّ التوالي في الموضوع أيضاً موجود على مسلكنا و لو تأخّر القبول ما تأخّر، فإنّ تمام ماهيّة العقد يتحقّق بالإيجاب فقط، و شأن القبول شأن الإجازة في بيع الفضوليّ، و الاحتياج إليه من جهة صحّة الاستناد و الكشف عن الرضا، كما مرّ [2].
[1] سنن ابن ماجه 2: 788/ 2353، الفقيه 3: 20/ 52، عوالي اللآلي 1: 219/ 90 و فيه: حلّل بدل أحلّ. و 2: 257/ 4، وسائل الشيعة 13: 164، كتاب الصلح، أبواب أحكام الصلح، الباب 2، الحديث 2.