و مع تقييد الدليل بخروج عقد في بعض الأزمنة عنه، لا يوجب ذلك عدم جواز الأخذ بإطلاقه بالنسبة إلى ما عدا ذلك.
ثمّ إنّ البحث في هذه المسألة مبنيّ على تسليم جواز المعاطاة بإجماع و نحوه، و إلّا فلو قلنا بأنّها بيع لازم كالبيع بالصيغة فلا موضوع لهذا البحث، كما هو ظاهر.
كلام الشيخ في اللزوم بعد تلف العينين
ثمّ إن الشيخ (رحمه اللَّه) ذكر: أنّه بناء على القول بالملك في المعاطاة، لا بدّ من القول باللزوم بعد تلف العينين بالأدلّة الثمانية المتقدّمة [1]، و ليعلم أنّ موضوع بعض تلك الأدلّة المال، مثل «لا يحلّ مال امرئ مسلم.» [2] إلى آخره، أو يكون المال كالموضوع لبعضها، ك «الناس مسلّطون على أموالهم» [3]، أو يكون موضوع بعضها الملك، كاستصحاب الملكيّة مثلًا، مع أنّ اعتبار المال و الملك موقوف على وجود ما يعتبر فيه، و بعد تلف العينين لا موضوع لذلك أصلًا.
و ما يقال: من إمكان الاعتبار للمعدوم، كالوقف على البطون المتأخّرة، أو بيع الثمرة المتجدّدة، فليمكن ذلك بالمعدوم أيضاً.
ظهر فساده سابقاً، فإنّ الوقف أو البيع لم يتعلّقا بالمعدوم، بل الموقوف عليه في الأوّل، و المبيع في الثاني، ليس إلّا العناوين الغير القابلة للانطباق إلّا بعد وجود المعنون بها، نظير البيع الكلّيّ، و إلّا فلا يعقل اعتبار شيء للمعدوم، فكيف باعتباره بالمعدوم [4]؟
[4] قد ذكرنا سابقاً: أنّ مثل الوقف و بيع الثمرة و المنفعة و الإجارة و غيرها ممّا يكون من هذا القبيل كلّها من التمليك للأمر المتأخّر و التمليك فعليّ و الملكيّة متأخّرة، نظير الإيجاب الفعليّ و الوجوب المتأخّر، و التفكيك بين التمليك و الملكيّة كالإيجاب و الوجوب ممكن، فإنّ قياس الاعتباريّات بالتكوينيّات ليس في محلّه. نعم، اعتبار المال و الملك بالمعدوم في ما نحن فيه غير معقول، و وجهه ظاهر، و لا يجيء فيه ما ذكرنا في بيع الأمر المتأخّر، كما لا يخفى. المقرّر حفظه اللَّه.