هذا، و لكنّه خلاف ما هو المرتكز عند العقلاء، فإنّهم يرون النكاح موضوعاً لحلّيّة الوطء، و هذا ظاهر.
و الجواب: أنّ حلّيّة الوطء و إن كانت موقوفة على النكاح، إلّا أنّ النكاح غير موقوف على حلّيّة الوطء؛ لما تقدّم في الجواب عن الإشكال الثاني، بل إنّه متوقّف على نفس الوطء و لو كان محرّماً، فاندفع الإشكال [1].
فالصحيح إمكان تحقّق مفهوم النكاح أيضاً بالفعل، و لذا يقع بالفعل عند التعذّر كالطلاق، و بهذا يمكن استكشاف حلّيّة الفعل أيضاً لو وقعت عن إرادة النكاح، و لا سيّما إذا كان مسبوقاً بالمقاولة بين الطرفين.
و كيف كان، فقد وقع التسالم الخارجيّ على اعتبار الشارع الصيغة في تأثير النكاح شرعاً حال الاختيار، فالمتّبع هو ذلك.
[1] أقول: يمكن أن يلتزم بالحلّيّة، فإنّ المفروض حصول الزوجيّة بنفس الوطء فالوطء وطء الزوجة.
و بعبارة اخرى: أنّ حلّيّة الوطء غير متوقّفة على تقدّم الزوجيّة عليها، بل إنّها متوقّفة على كونه وطء الزوجة، و هو حاصل و لو مع التقارن، فالوطء موضوع للنكاح، و النكاح موضوع لحلّيّة ذلك الوطء، لا نفسه، فلا دور، و المفروض أنّ الوطء و النكاح متقارنان؛ لتقارن الحكم و موضوعه، كما أنّ النكاح و حلّيّة الوطء متقارنان لذلك، فيلزم تقارن الوطء و حلّيّته، فافهم.
و الاستشكال في ذلك بلزوم تقدّم الموضوع على الحكم، فيتقدّم الوطء على حلّيّته بمرتبتين.
مدفوع: بأنّ الترتّب إنّما هو في عالم اللحاظ لا الخارج، و إلّا فيمكن اعتبار حكم متقدّم على موضوع متأخّر في الخارج، و لذا بنينا على إمكان الشرط المتأخّر، بل وقوعه، فإنّ الاعتبار سهل المئونة، فأيّ مانع من اعتبار الحلّيّة لوطء أُريد به النكاح؛ و لو بأن يعتبر الشارع النكاح المتأخّر رتبة عن الوطء موضوعاً لحلّيّة نفس ذلك الوطء؟! المقرّر حفظه اللَّه.