و قد يستشكل فيه: بأنّه مستلزم لاجتماع اللحاظين في التمليك: الآلي و الاستقلالي. ثمّ ذكر المستشكل أنّه يمكن الفرار عن ذلك بالصلح [1].
و الجواب أوّلًا: الفرار بالصلح غير ممكن؛ للزوم بطلانه لو وقع على محلّ النزاع، و هو التقابل بين التمليكين؛ لاستحالة ذلك؛ أي لا يمكن العمل بهذه المصالحة للزوم المحال، و لو وقع على غير ذلك فمضافاً إلى خروجه عنه، لا يختصّ الفرار بالصلح، بل يصحّ البيع أيضاً.
و ثانياً: أنّ باب الفعل مغاير لباب الألفاظ، فإنّ الألفاظ وضعت آلة لإفهام مداليلها، فمع استعمالها في ذلك و لحاظها مستقلا يجتمع اللحاظان لا محالة، بخلاف الفعل؛ لإمكان لحاظه استقلالًا مع كونه آلة لإفهام مدلوله بنفسه، فلم يجتمع اللحاظان، مثل أن يشير إلى زيد مثلًا و يقول: إشارتي كذا. فمع إشارته بلفظ «هذا» قاصداً حقيقة الإشارة، لا يحصل ذلك إلّا بلحاظ المشار إليه استقلالًا و اللفظ آلة، فلا يمكن لحاظه استقلالًا، و أمّا مع إشارته بالفعل فلا تحتاج حقيقة الإشارة بأزيد من نفس الفعل، فيمكن تعلّق اللحاظ به استقلالًا. و هكذا في المقام لو قصد التمليك بلفظه لا يمكن لحاظه استقلالًا؛ لأنّ النظر الاستقلاليّ تعلّق بالمبادلة بين الملكين، و نفس التمليك لوحظ آليّاً، فلا يمكن لحاظه استقلالًا، بخلاف ما لو وقع التمليك بالفعل و الإعطاء، فإنّه بنفسه تمليك، فيمكن لحاظه استقلالًا، و لذا يمكن أن يخبر عنه في مقام الإعطاء: بأنّ تمليكي كذا مثلًا. هذا مضافاً إلى أنّ محلّ الكلام إنّما هو في ما إذا لوحظ التمليك استقلالًا، لا آلة.