نام کتاب : الإمام الصادق و المذاهب الأربعة نویسنده : الشيخ أسد حيدر جلد : 1 صفحه : 239
طريق و بأي نوع كان، فإنه قد حمل الناس على العداء لآل محمد، و حاول قلع بذرة حبهم التي غرسها الرسول، و سقاها بماء غديره العذب، تلك البذرة الطيبة التي أينعت فأثمرت و جنى ثمرها رجال العلم، و صلحاء الأمة، رغم تلك المحاولات و الجهود الجبارة التي بذلها العباسيون، و هم يطلبون من وراء ذلك استقرار ملكهم بالوراثة الشرعية، بادعائهم الخلافة دون آل علي بن أبي طالب (عليه السلام).
دخل شريك القاضي على المهدي. فقال له المهدي: ما ينبغي أن تقلد الحكم بين المسلمين، قال: و لم؟
قال: لخلافك على الجماعة. و قولك بالإمامة.
فقال شريك: أما قولك بخلافك على الجماعة، فعن الجماعة أخذت ديني فكيف أخالفهم و هم أصلي في ديني؟ و أما قولك بالإمامة، ما أعرف إلا كتاب اللّه و سنة رسوله. و أما قولك: مثلك ما يقلد في الحكم فهذا شيء أنتم فعلتموه، فإن كان خطأ فاستغفروا اللّه منه. و إن كان صوابا فامسكوا عليه.
قال الرشيد: ما تقول في علي بن أبي طالب؟
قال: ما قال فيه جدك العباس و عبد اللّه، قال: و ما قالا فيه؟
قال: فأما العباس فمات و علي عنده أفضل الصحابة، و كان يرى كبراء المسلمين يسألونه عما ينزل من النوازل، و ما احتاج هو (عليه السلام) إلى أحد حتى لحق باللّه. و أما عبد اللّه فإنه كان يضرب بين يديه بسيفين. و كان في حروبه سيفا منيعا و قائدا مطاعا، فلو كانت إمامته على جور، كان أول من يقعد عنها أبوك لعلمه و فقهه في أحكام اللّه، فسكت المهدي و لم يمض بعد هذا المجلس إلا قليلا حتى عزل شريكا [1].
تغلب المذهب الجعفري:
و على أي حال فقد تغلب المذهب الجعفري على سائر الأقطار الإسلامية فكانت له في بغداد من القوة و النشاط ما استطاع أن يقاوم الدولة التي ما برحت تطارد الشيعة و تناصر خصومهم، و لكنهم ثبتوا في وجه الطغيان بكل ثبات، و أقاموا شعائرهم الدينية بدون خفاء و تكتم، و كانت الدولة تعد هذا التظاهر تهديدا و خطرا عليها.
و في أيام المأمون كانت الغلبة للمذهب الجعفري في جميع الأقطار بل امتدت