نام کتاب : أنوار الملكوت في شرح الياقوت نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 3
[خطبة الكتاب]
بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه ذى القدرة
القاهرة، و الغرة الباهرة، و الايادى الفاخرة، و النعم الظاهرة و الآلاء الوافرة،
نحمده على ما اولاه إلينا، من الطافه الغامرة، و نشكره على سوابغ فواضله الغابرة،
و نسأله خير الزاد في الآخرة، و الصلاة على اشرف النفوس الطاهرة، محمد المصطفى، و
عترته الانجم الزاهرة، و سلّم تسليما.
و بعد، فان اللّه، تعالى، كمل الانسان، بقدر الامكان؛ و خصه بالعقل و
النطق و البيان[1]، فبالاول يصل الى معرفته، التى هى
غاية في خلقه؛ و بالثانى، يحصل له الافادة و الاستفادة، فى مسالكه، و طرقه، و كان
من لطفه و حكمته، و ما اقتضاه واجب عنايته، تكليفه بالامور السمعية[2]، و القضايا العقلية. و كان ذلك، مما
يمتنع الابعد معرفته، و يتعذر بدون الوقوف على حقيقته. فلا جرم اوجب ذلك على عامة
المكلفين، و لم يكتف في ذلك، بتقليد المقدّمين؛[3] فوجب على كل عارف، ارشاد الجاهلين، و تنبيه الغافلين، بتحصيل مقدمات
معينة عندهم، نافعة في هذا المقام، و محصلة لهذا المرام و قد صنف العلماء في ذلك،
كثيرا من المبسوطات، و أطنبوا القول[4] فيه بكتب مختصرات، و مطولات؛ الّا انهم لم يسلموا من زيغ في[5] تلك الإيرادات، و لم يخلصوا من خطاء
في بعض الاعتقادات. و قد صنفنا كتبا متعددة، اوضحنا منها سبل الرشاد، و هدينا الى
طريق السداد، نرجو منها ذخرا ليوم المعاد.
و قد صنف شيخنا الاقدم، و
إمامنا الاعظم، ابو إسحاق ابراهيم بن نوبخت قدّس اللّه روحه الزكيّة و نفسه
العليّة، مختصرا سمّاه الياقوت قد احتوى من المسائل على اشرفها، و اعلاها، و من
المباحث على اجلها و اسناها، الا انه صغير الحجم، كثير العلم، مستصعب على الفهم،
في غاية الايجاز، و الاختصار، بحيث يعجز عن تفهّمه اكثر النظار، فاحببنا ان نصنع
هذا الكتاب الموسوم بانوار الملكوت في شرح الياقوت، على ترتيبه و نظمه، موضحا لما
التبس من مشكلاته و مبيّنا لما استبهم[6] من مفصّلاته، مع زيادات لم يوجد فى الكتاب مستعينين باللّه و
متوكلين عليه، هو حسبنا و نعم الوكيل.
و قد رتبنا هذا الكتاب
على مقاصد
المقصد الاول في النظر و
ما يتصل به و فيه مسائل
المسألة الاولى في
ماهيته
اختلف الناس في تعريف
النظر و ماهيته، فقال قوم: انه عبارة عن تجريد العقل عن (الغفلات)[7] و هؤلاء قد جعلوه امرا سلبيا، و آخرون
قالوا: انه عبارة عن مجموع علوم أربعة: اولها العلم بصحة المقدمات، و ثانيها العلم
بترتيبها، و ثالثها العلم بلزوم اللازم عنها، و رابعها بان ما لزم عن الحق فهو حق.
و قيل: إنه عبارة عن تحديق العقل نحو المعقول. و قيل: انه ترتيب تصديقات ليتوصل
بها الى تصديق اخر. و الكل ضعيف ابطلناه في كتاب مناهج اليقين[8]؛ و الحق: ان يقال: (إنّ)[9] النظر ترتيب امور ذهنية ليتأدّى بها
الى امر آخر.
و قد اعترض بعض المحققين:
بانه اخص من النظر، لاختصاصه بالانفعال[10] من المبادى الى المطالب، و قلما يتوقف مثل هذا النظر ابتداء، و
الاكثر الانتقال من المطالب الى مباديها، ثم من مباديها إليها و هذا لا يدخل
بتمامه قى الحد المذكور؛ ثم جعل الحد هو الانتقال من امور حاصلة في الذهن الى امور
مستحصلة هي المقاصد.
و الجواب ان ترتيب المبادى
اعم من ان يكون مسبوقا بالانتقال من المطالب و من عدمه، و كل من القسمين داخل تحت
النظر، و اشتراط السبق في الكثرة لا يقتضي اشتراطه في الاعم لخروج[11] القسم الاخر منه، خذ، ثم[12] اىّ فارق بين (الحد)[13] الّذي ذكرناه و بين حده الّذي ارتضاه،
و هذه المسألة لم يتعرض لها المصنف و انما ذكرناها لتوقف مباحث النظر عليها.
المسألة الثانية فى أنّ
النظر واجب
قال: على العبد نعم جمّة، فلا بد من ان يعرف المنعم فيشكره؛ و لا طريق
الى هذه المعرفة الواجبة الّا النظر، لان التقليد متردّد بين من لا ترجيح فيهم، و
قول المعصوم لا يكون حجّة الّا اذا، كان معصوما و من معرفة اللّه تعالى تستفاد
عصمته فيكون دورا.
اقول: اعلم ان المعتزلة و الأشاعرة و اتفقوا على أن النظر واجب، و يدل
عليه وجهان:
الاول ما ذكره المصنف و تقريره: ان معرفة الله تعالى واجبة، و لا يتم الا
بالنظر و ما لا يتم الواجب الّا به فهو واجب كوجوبه[14]، فيكون النظر واجبا.