الطريقة والحقيقة ، وعلم النحو والعربيّة ، والأمير في الشجاعة والقوّة ، والسخاء والجود ، والحلم والصفح ، والجهاد في سبيل اللّه ، والمقدّم في الفصاحة وسجاحة الأخلاق ، وبشر الوجه ، وطلاقة المحيّا والتبسم ، كما أنّه سيّد الزهّاد وبدل الأبدال وإمام العابدين والمتّقين ، وبرغم كلّ ذلك فهو صاحب الرأي والتدبير والسياسة ، وقيادة الجيوش وإدارة الحروب . وفوق كلّ ذلك فهو أوّل الناس إسلاما ، وأقدمهم إيمانا ، وأخلصهم في ذات اللّه ، وأوفاهم لرسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، لم تقم الدعوة الإسلامية إلاّ بحدّ سيفه ، فهو أخو الرسول صلى الله عليه و آله وسلم ، وزوج ابنته البتول ، وأب ولده ونسله الكرام ، و وصيّه بعده على الأنام ؛ فعليه صلوات المصلّين ، وتحيّاتهم إلى يوم الدين . ومن خصائصه عليه السلامالبلاغة والفصاحة ، قال ابن أبي الحديد المدائني : وأمّا الفصاحة فهو عليه السلامإمام الفصحاء ، وسيّد البلغاء ، وفي كلامه قيل : دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين ، ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة . قال عبد الحميد بن يحيى : حفظتُ سبعين خطبة من خطب الأصلع ، ففاضت ثمّ فاضت . وقال ابن نُباته : حفظت من الخطابة كنزا لا يزيده الإنفاق إلاّ سعةً وكثرةً ، حفظت مئة فصلٍ من مواعظ عليّ بن أبي طالب . ولمّا قال مِحْفَن بن أبي محفن لمعاوية : جئتك من عند أعيى الناس! قال له : «ويحك كيف يكون أعيى الناس! فواللّه ما سنّ الفصاحة لقريش غيره» . . . فهو لا يُجارى في الفصاحة ، ولا يبارى في البلاغة ، وحسبك أنّه لم يدوّن لأحدٍ من فصحاء الصحابة العُشر ولا نصف العُشر ممّا دوّن له . {-2-}
[1] شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ، تحقيق : محمّد أبو الفضل إبراهيم ، دار احياء الكتب العربية ، ج1 ، ص 17 .[2] المصدر السابق ، ص24 . 25 .