الاحتكام إلى الكتاب فيما اختلفت فيه الأمّة
سبحانك اللّهمّ ما أبلغ كلامك، و أفصح بيانك، قد أوضحت الفريضة، و بيّنت الوظيفة فيما يجب على المسلم فعله قبل الصلاة، فقلت:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ
ثم قلت مبيّنا لكيفيّة الوظيفة و أنّها أمران:
أ- فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ
ب- وَ امْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ
سبحانك ما تركت إجمالا في كلامك، و لا إبهاما في بيانك؛ فأوصدت باب الخلاف، و سددت باب الاعتساف بتوضيح الفريضة، و بيانها.
سبحانك ان كان كتابك العزيز هو المهيمن على الكتب السماوية كما قلت:
وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ
(المائدة- 48) فهو مهيمن- بالقطع و اليقين- على المأثورات التي بأيدينا التي نقلها الرواة عن النبّى الأكرم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و هي بين أمرة بغسل الأرجل و أخرى آمرة بمسحها.
فماذا نفعل مع هذه المأثورات المتناقضة المرويّة عمّن لا ينطق إلّا عن الوحي، و لا يناقض نفسه في كلامه؟
سبحانك لا محيص لنا إلّا الأخذ بما نادى به كتابك العزيز، و قرآنك المجيد و بيّنه في جملتين ترجعان إلى أنّ الفريضة تتألف من:
غسلتين و مسحتين لا غير؟
أَ فَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا (الأنعام- 114)