و تتمثل المهمة الاولى لكل باحث في التأريخ الإسلامي في البحث عن المادة الأساسية للتحليل التأريخي بعد ان كان التأريخ بشكل عام و التأريخ الإسلامي بشكل خاص عرضة للإهمال و التحريف بدءا بمشكلة المنع من تدوين الأحاديث و السنة النبوية الشريفة التي تشكّل البنية الأساسية للتجربة الإسلامية الفريدة و انتهاء بإخضاع المؤرخين و نتاجاتهم لأهواء الحكّام علاوة على المتاجرة بكل ما يمكن نسبته إلى رسول الإسلام صلّى اللّه عليه و آله و صحابته الكرام من قبل الرواة و المحدّثين غير الورعين. فكم من حوادث مهمّة لم تدوّن أو دوّنت مختزلة بحجّة الاختصار أو لاستلزامها الطعن ببعض الحكّام من صحابة و تابعين، فأدّت إلى تزييف الحقائق التأريخية و تشويهها بما لا يتناسب و عظمة تأريخنا الإسلامي الوضّاء.
و من هنا كان على الباحث الموضوعي و المؤرّخ المحقق أن يقوم قبل كل شيء بنقد موضوعي لكل ما جاء في كتب التأريخ و الحديث و التراجم و الرجال و التفسير بعد عرضه على العقل السليم و نصوص القرآن الكريم و محكمات السنة النبوية الشريفة، و هذا ما قام به المحقق المتضلّع فضيلة الشيخ محمّد هادي اليوسفي الغروي في كتابه هذا (موسوعة التأريخ الإسلامي) . إذ اعتمد على التتبع اللازم في المصادر الأصلية التي تحتوي على حوادث تأريخية ترتبط بموضوع بحثه، ثم عرضها على القرآن الكريم و اصول السنة الشريفة و العقل السليم، و قد حاول من خلال بحوثه تفنيد ما أورده المستشرقون و من حذا حذوهم في تشويه معالم الصورة الإسلامية الناصعة، و تقديم الصورة الأقرب إلى الواقع عن الإسلام من خلال تأريخه المجيد. و هذه هي الحلقة الاولى من هذه الموسوعة و تختص بالعهد المكي من العصر النبوي بدءا بحوادث السنة الاولى للهجرة و سوف يستمر البحث في