الحمد
للّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين محمّد، و على
آله الأنجبين الميامين سيّما خاتم الأوصياء المنتظر الإمام الثاني عشر عجّل اللّه
تعالى فرجه الشريف.
لا
يخفى على ذوي البصائر أنّ انفتاح باب الاجتهاد في الفقه أعطى فرصة طيّبة لنموّ
حركة الاجتهاد و نموّ العلوم المرتبطة بهذه الحركة، و على رأسها علم اصول الفقه في
الحوزات العلمية الإمامية.
و
هيّأ اللّه تعالى لهذا العلم في العصور الأخيرة أبطالا من فحول العلماء عمّقوا
أبحاث هذا العلم و أحكموا قواعده و وضعوا اصوله على اسس متينة و قويّة، و اكتشفوا
آفاقا جديدة من هذا العلم، و ذلك أمثال الوحيد البهبهاني و شريف العلماء و الشيخ
مرتضى الأنصاري و المحقّق الخراساني صاحب الكفاية- قدّس اللّه أسرارهم- و من بعد
اولئك المحقّقون الثلاث الشيخ محمّد حسين الاصفهاني و الميرزا النائيني و الشيخ
ضياء الدين العراقي- رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين- و في عصر العلمين الأخيرين
بلغ علم الاصول ذروته و كانا بحقّ مدرستين في الفكر الاصولي المعاصر تخرّج عليها
بصورة مباشرة أو غير مباشرة الكثير من علمائنا المعاصرين، و لذلك نرى تطوّر هذا
العلم في السنوات الأخيرة بشكل اختلف كميّة و كيفيّة عمّا كان عليه في الأزمنة
السالفة و ظهرت بعض المصطلحات التي لم تكن في تلك الأعصار، كاد يصعب فهمها على
كثير من بغاة هذا