مقدمة عن حياة المصنف بيد أحد العلماء الإجلاء في علم الرجال قدّس
الله أرواحهم الطاهرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى الإثني
عشر المعصومين أولياء الله من الآن إلى يوم لقاء الله.
تتعاقب الليالي والأيام وتتوالى السنون والأعوام ويدور دولاب الحياة
بسرعة فيطحن الأجيال بعد الأجيال وتسيّر مركبها فتسحق ما يعترض طريقها من أشواك
وأدغال وينتهي السير بالبشرية إلى ذلك العالم المظلم حيث النومة الأبدية إلى يوم
يبعثون.
لقد مضى عليَّ في العراق إحدى وسبعون سنة- وهي عمر طويل- قضيت معظمها
في النجف الأشرف بجوار مرقد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام وقد عاصرت خلال تلك
العقود جماعات وجماعات وشهدت عدة دول وحكومات ورأيت عجائب وغرائب وحوادث وكوارث
وعوالم مختلفة متناقضة لا مجال للإشارة إليها جميعاً.
هبطتُ النجف على مشرفها التحية 1313 هجرية وانخرطتُ بعد برهة قصيرة
في سلك تلامذة المجتهد الأكبر وأستاذ العلماء الشيخ حسين النوري طاب ثراه وانتظمني
مجلسه فتعرفت في ذلك المعهد الشريف على وجوه كريمة وامتزجتُ بنفوس طيبة سليمة كان
منها الحجة المجاهد الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء رحمة الله عليه فقد كان من
أصدقائي الأوائل وزملائي القدامى قضيتُ معه ومع صفوة من تلامذة النوري عدة سنين
تغمرنا فيها روحانية ذلك العالم الرباني المقدّس وننعم بعطفه الأبوي نعب من منهله
العذب النمير حتى اختار الله له دار الإقامة في سنة 1320 هجرية وكسر سد مأرب
فتفرقنا أيدي سبأ فانتشر الكثير من طلابه في البلدان واشتغل فريق في السياسة وتصدى
آخر للرآسة وكنت وكاشف الغطاء ممن بقي في النجف يواصل الدراسة فكانت تنتظمنا حلقة
درس الحجتين الكبيرتين السيد محمد كاظم والشيخ محمد كاظم نضر الله وجهيهما وحلقات
غيرهما من كبار المدرسين ومشايخ الاجتهاد