تظلّ الأرض- بصفتها ظاهرة اقتصاديّة ملحّة، كما هو معروف- من أهم الظواهر الفقهيّة التي توفّر عليها الباحثون قديما و حديثا و يجيء الخراج- و هو نوع من الضريبة أو الأجرة أو المقاسمة، على زراعة الأرض- في مقدّمة الأبحاث التي حفل بها النشاط الفقهي في الميزان المذكور، بحيث دفعت أكثر من فقيه إلى أن ينهض بدراسة مستقلة للظاهرة المتقدمة. مضافا إلى الحقل الذي ينتظمها في الدراسات التي تتناول- عادة- سائر أبواب الفقه.
و بالرغم من أنّ المسائل الخلافية التي تتفاوت و جهات النظر حيالها، تظلّ سمة واضحة في الحقل الفقهي بعامّة، إلّا أنّ ظاهرة الخراج (بما تواكبها من صلات بطبيعة «الأرض» و أقسامها- المفتوحة عسكريا بخاصّة- و ما يترتب على ذلك من تصرّفات مختلفة حيالها، من حيث المشروعيّة و عدمها) تبقى أشدّ إلحاحا من سواها من حيث ضرورة التوفّر على دراستها و تحديد مختلف الجوانب المتّصلة بها.
لقد اكتسبت الأرض- زمن التشريع- بعدا خاصّا يتصل بالفتوحات التي شهدها صدر الإسلام، و انسحاب ذلك على مختلف أنواع الأرض، من حيث التكييف الشرعي لها، و امتداد هذا التكييف إلى نمط تعاملنا مع الأرض و خراجها.
إنّ الأرض- تبعا للتقسيم الفقهي الموروث- تندرج ضمن الأنماط التالية:
1- أرض العنوة (أي: الأرض التي فتحت من خلال الغزو العسكري).
2- أرض الطوع (أي: الأرض التي أسلم عليها أهلها طواعية).
3- أرض الصلح (أي: الأرض التي تخصّ الكتابيين، ممن احتفظ بموقفه