أما الشق الثاني من الدعوى وهو أن كلاً من الفرس والشيعة يقولون بالوراثة فهو باطل فيما يخص الشيعة لأن الشيعة لا تعتبر الإِمامة متوارثة ولا تقول بالإرث في ذلك بل تذهب إلى أنّ الإِمام منصوص عليه من قبل الله تعالى عن طريق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الإِمام وكتب الشيعة طافحة بذلك[1].
وليست مسألة النص على الإِمام من المسائل المتأخرة عندهم بل هي معلومة من الصدر الأول عند الطبقة الأولى وذلك لوضوح النصوص التي اعتبروها مصدرهم في مسألة الإِمامة. وللتدليل على ذلك أذكر محاورة طريفة حدثت بين الخليفة الثاني وعبدالله بن عباس وكان الخليفة الثاني يأنس بابن عباس ويميل إليه كثيراً فقال له يوماً: ياعبدالله عليك دماء البدن إن كتمتها هل بقي في نفس عليٍّ شيء من الخلافة. يقول ابن عباس: قلت نعم، قال: أو يزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نص عليه؟ قلت: نعم، فقال عمر: لقد كان من رسول الله في أمره ذروة من قول لاتثبت حجة ولا تقطع عذراً، ولقد كان يربع في أمره وقتاً ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإِسلام فعلم رسول الله أني علمت ما في نفسه فأمسك[2] إنّ المنع الذي أشار إليه الخليفة عمر هو عندما طلب النبي من أصحابه في ساعاته الأخيرة دواة وكتف وقال عليَّ بدواة وكتف أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فقال الخليفة عمر: إنّه يهجر وقد غلب عليه الوجع[3].
وعلى العموم إن هذه المحاورة وأمثالها توضح رأي الشيعة في موضوع
[1] الفصول المهمة لشرف الدين ص281، وعقائد الإِمامة للمظفر ص71.