و ممّا ذكر (1) يظهر وجه التمسك بقوله تعالى إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ.
الدليل الثالث: آية التجارة عن تراض
(1) أي: من جعل متعلّق الحلّ في آية حلّ البيع: التصرفات و ملازمتها شرعا لصحة البيع و نفوذه يظهر وجه التمسك بقوله تعالى يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ مِنْكُمْ[1]. و هذا هو الدليل الثالث ممّا تعرض له المصنف (قدّس سرّه) من الأدلة على مملّكية المعاطاة. و قد سبقه في الاستدلال به المحقق الكركي (قدّس سرّه) في كلامه المتقدم عن جامع المقاصد و تعليق الإرشاد، و المحقق الأردبيلي (قدّس سرّه) في شرح الإرشاد [2].
و لا يخفى أنّ الوجوه الثلاثة المشار إليها في الاستدلال بآية حلّ البيع تجري في هذه الآية المباركة أيضا، و المهمّ منها فعلا- بنظر الماتن- هو الوجه الأوّل، أعني به دلالة الآية بالمطابقة على حلية التصرف تكليفا في المأخوذ بالتجارة عن تراض، و بالدلالة الالتزامية على صحتها و مملّكيتها، لأنه (قدّس سرّه) أحال تقريب الاستدلال بهذه الآية المباركة على ما ركن إليه في آية حلّ البيع، فيقال: المعاطاة المقصود بها الملك تجارة عن تراض- إذ التجارة هي التصرف في رأس المال طلبا للربح [3]- و التصرفات المالكيّة المترتبة على التجارة جائزة، فالتصرف في المأخوذ بالمعاطاة جائز، و هذا الجواز التكليفي يستلزم شرعا صحة المعاطاة و مملّكيتها.
و كيف كان فوجوه الاستدلال بهذه الآية الشريفة متعددة، من جهة كون الأكل كناية عن التصرف أو عن التملك، و من جهة كون النهي في المستثنى منه مولويا أو إرشادا إلى الفساد، و كون الجواز في المستثنى إباحة تكليفية أو إرشادا إلى الصحة، و من كون الاستثناء متصلا أو منقطعا. لكن المهم منها اثنان، تعرض المصنف لأحدهما، و سيأتي ذكر الآخر في التعليقة