(1) هذا بيان حكم القسم الثالث من الحقوق من حيث وقوعها ثمنا في البيع و عدمه.
و قد أشرنا إلى أنّ المصنف (قدّس سرّه) لم يجزم ببطلان ذلك، بل تردّد فيه و إن كان مآله إلى عدم جواز جعله عوضا.
و محصل ما أفاده في الإشكال على وقوعه عوضا هو: أنّ مثل حق التحجير و إن كان قائما بشخص المحجّر كسائر الحقوق القائمة بذويها، إلّا أنه يجوز نقله الى الغير بصلح و نحوه و يصحّ أخذ المال بإزائه، فالمحذور المتقدم في القسمين الأوّلين- من عدم قابليتهما في حد ذاتيهما للنقل إلى الغير- غير جار في هذا القسم. إلّا أنّ المانع من جعله عوضا في البيع هو الخصوصية الملحوظة في مفهوم البيع لغة و عرفا، و هي وقوع المبادلة بين مالين، و صدق «المال» على الحقوق غير ظاهر لو لم يكن ظاهر العدم، و عليه فلا يجوز جعلها عوضا في البيع.
أمّا أخذ «المال» في معنى البيع لغة فلما تقدم في تعريف المصباح له بقوله: «مبادلة مال بمال» فلو لم تحرز مالية العوضين لم تكن المبادلة بينهما بيعا.
و أمّا أخذه في مفهومه عرفا- مضافا إلى استكشافه بقول اللغوي- فلما يظهر من تعريف الفقهاء للبيع العرفي، كما تقدّمت جملة منها عند البحث عن اعتبار عينية المبيع، و قد
الاعتبارية التي تكون بين الملّاك و أموالهم سواء أ كانت فعلية كما في ملك غير المحجور عن التصرف، أم اقتضائية كما في ملك القصّر ممن لا سلطنة له فعلا على التصرف في ماله.
و عليه فيكون مقصود الشيخ (قدّس سرّه) من مالكية المديون لما في ذمة نفسه هو الملكية الاعتبارية لا الذاتية، فتوجيه معقولية ملك المديون للدين «بأنه من شؤون سلطنة النفس على ذمته و عمله ذاتا لا اعتبارا» لعلّه من التوجيه الذي لا يرضى به صاحبه.
و أما أصل تصوير مالكية الشخص لما في ذمة نفسه فسيأتي في نقوض تعريف المصنف للبيع إن شاء اللّه تعالى.