في العمر من واسط و الليل ما هبطت* * * فيه النجوم وضوء الصبح لم يلح
بيني و بينك ودّ لا يغيره* * * بعد المزار و عهد غير مطّرح
فما ذكرتك و الأقداح دائرة* * * إلا مزجت بدمعي باكيا قدحي [2]
و يبدو أن هذا الاتجاه في الشعر لم يستمر عند شعراء واسط في العصر السلجوقي و ما بعده، فعلى الرغم من استمرار اللهو و المجون في هذه المدينة [3] فإننا لم نجد شعرا كالذي رأيناه عند الجامدي، و ابن التمار الواسطي، و ربما يرجع ذلك إلى زيادة النفوذ الديني بواسط في هذه الفترة من جهة، و إلى موقف السلطة الحاكمة التي غلب عليها الاتجاه الديني من جهة أخرى.
و كان من نتيجة هذا الاختلاط أيضا و كثرة الغلمان إن انتشرت في هذه المدينة عادة غريبة هي حب الغلمان و التولع بهم، و قد صور لنا الشعر هذه الظاهرة الاجتماعية الشاذة، فإننا نجد بعض الشعراء يتغزلون بالمذكر منهم أبو الجوائز الواسطي [4] و أبو غالب نصر بن عيسى بن بابي الواسطي
[1] الثعالبي، يتيمة الدهر، 3/ 19. و قد جاء «بالغمر» و الصحيح ما أثبتناه هنا.