لقد أقام اليهود في مدينة واسط من إنشائها [1] و من المحتمل جدا أن هؤلاء قدموا من نواحي واسط [2]، و من أماكن أخرى، و ذلك لمزاولة الأعمال التي كان يحتاج إليها المجتمع الجديد. و قد أشارت المصادر إلى وجود اليهود بواسط في العصر العباسي [3] أما تعدادهم بواسط فإننا لم نجد إلا إشارة واحدة جاءت في رحلة الرحالة اليهودي بنيامين بن بونه التطيلي الأندلسي الذي زار هذه المدينة بين 561- 569 ه/ 1165- 1173 م، و ذكر أن فيها نحو عشرة آلاف يهودي [4].
و يبدو أن اليهود كانوا قد تمتعوا بكثير من الحرية و التسامح الديني، فقد ذكر بنيامين التطيلي أنه كان لهم قاض بواسط [5]. و يذكر ياقوت أنه كان بمحلة الحزامين قبر يزعمون أنه قبر عزرة بن هارون بن عمران يزوره المسلمون و اليهود [6]. أما محلات سكناهم في المدينة فإننا لم نجد أية معلومات عنها.
أما المهن التي كان يزاولها هؤلاء فقد كان منهم الصيارفة [7] و الجهابذة و العطارين و الأطباء و أصحاب الحرف و الصناع [8].
[1] عبد القادر المعاضيدي، واسط في العصر الأموي، 158.
[3] ابن خرداذبة، المسالك و الممالك، 42. معجم البلدان، 2/ 252. الحوادث الجامعة، 217.
[4] رحلة بنيامين التطيلي، 149. و قد أضاف مترجم الكتاب أن يهود واسط في أيام رحلة بنيامين كانوا يتبعون مثيبة سورا و يؤدون لعلمائها إتاوة سنوية قدرها 150 دينارا. نفس الصفحة.