حواجز الممنوع، لذا فهي تخبو عند أزمات سياسية معينة، وتتوهج عند انفراج سياسي معين، ومن هنا ظهرت أدبيات هذه الأزمات وأطلق عليها البعض "بالمكتمات الأدبية"، أي القصائد التي قيلت مكتومة الانشاء، مكتومة العنوان..
كانت قصيدة أعشى همدان[1] عينة جيدة للمكتّمات الأدبية، وقد روتها المشاريع التاريخية تحت عنوان "المكتمات" فقد جاءت عبارة الطبري عند روايته لهذه المقطوعة بقوله: وكان مما قيل من الشعر في ذلك [أي في وثبة التوابيين وجهادهم ضد الحكم الأموي] قول أعشى همدان، وهي احدى المكتمات كنّ يكتمن في ذلك الزمان، ثم روى قصيدته كاملة[2]. وتبعه على
[1] قال أعشى همدان في قصيدة له يمدحُ التوابيين ووثبتهم ضد الحكم الأموي المنحرف، فمن قصيدته التي تسمى "بالمكتّمات".
فاني وإن لم أنسهُنَّ لذاكرٌ * * * رزيئةَ مخبات كريمِ المناصبِ
توسل بالتقوى إلى الله صادق * * * وتقوى الإله خير تكساب كاسبِ
وخلى عن الدنيا فلم يلتبس به * * * وتاب إلى الله الرفيع المراتبِ
تخلى عن الدنيا وقال اطرحتُه * * * فلستُ اليها ما حييتُ بآيب
وما أنا فيما يُكبرُ الناس فقدهُ * * * ويسعى له الساعون فيها براغب
فوجههُ نحوَ الثويةِ سائر * * * إلى ابن زياد في الجموع الكباكب