الطاعة، و لا يخالطها بالمعصية، و هو غاية كمال الإنسانية و هو الواصل إلى ما اريد من إبداع هذا النوع من البشر، و هذا و إن كان بمحض الاختيار و ليس بالإرادة القاهرة من ناحية اللّه و لكن اللّه يعلم قبل إبداع الإنسان أنه يكون في ذرّية الإنسان في كلّ عصر و زمان فرد يبلغ هذه المرتبة من الكمال، فلو كان اللّه الّذي هو علاّم الغيوب يعلم أنه لا يكون من أبناء هذا النوع الكامل في كلّ عصر من الأعصار من يبلغ هذه المرتبة و يكون بقاء هذه السلسلة خاليا عن غرضه لقطع السلسلة و أفناهم في عصر الفترة و خلوّ نوع الإنسان عن ذلك الفرد السامي، ثمّ شرع ثانيا بإبداع الإنسان عن كتم العدم في عصر كان الإنسان مشتملا على من يبلغ إلى تلك المرتبة، و هو غاية نوع الإنسان و المثل الكامل للإنسانية و حجّة اللّه عليهم.
نعم الغرض الأقصى من إبداع نوع الإنسان و خلقه بشهادة القرآن الكريم هو العبودية و الطاعة، قال اللّه تعالى: وَ مََا خَلَقْتُ اَلْجِنَّ وَ اَلْإِنْسَ إِلاََّ لِيَعْبُدُونِ[1] .
و المحقق للغرض الأعلى لإبداع نوع الإنسان و خلقته نشأة فرد منه لم يخلط الطاعة بالمعصية و العبودية بالتمرّد و لم يلبس العرفان باللّه و المعرفة به بالجهل و الجهالة. نعم تصل أفراد الإنسان إلى الكمال النسبي و لكن أكمل أفراد نوع الإنسان الّذي هو الهدف الأعلى من الخلقة و هو الّذي استقرّ على شامخ قلّة الإنسانية.
و هذا الفرد من الإنسان الّذي هو معصوم عن المعصية هو حجّة اللّه، و قوله و فعله مظهر الحقّ و معيار أحكام اللّه و منهجه. و هذا هو السرّ في عدم خلوّ أيّ زمان من الأزمنة عن الحجّة كما ورد في النصوص الّتي نتلو بعضها عليك.
1-كمال الدين: ج 1 ص 233
حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه اللّه قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه و عبد اللّه بن جعفر جميعا عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن سنان عن حمزة بن حمران عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
لو لم يكن في الأرض إلاّ اثنان لكان أحدهما الحجّة و لو ذهب أحدهما بقي الحجّة.