طابخة. يكنى أبا فراس. و إنما سمّي الفرزدق لأنّه شبّه وجهه-و كان مدورا جهما-بالخبزة.
و هي فرزدقة [1] . و بيته من أشرف بيوت بني تميم. و من شرفه أنّه ليس بينه و بين معدّ بن عدنان أب مجهول.
و كان غالب أبوه جوادا شريفا. و وفد جدّه صعصعة بن ناجية على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أسلم، و هو الذي منع الوئيد في الجاهلية، فلم يترك أحدا من بني تميم يئد بنتا له إلاّ فداها منه.
و كان ناجية: أبو صعصعة ذا رأي، و كان من رجال بني تميم في الجاهلية. و كان سفيان بن مجاشع سيّدا، و أتى الشّام، فسمع راهبا يذكر أنّه يكون في العرب نبيّ اسمه محمّد صلّى اللّه عليه و سلّم فسمّى ابنه محمدا طمعا في ذلك.
و غالب: أبو الفرزدق، و يكنى أبا الأخطل، و قبره بكاظمة، و هو قريب من البصرة، و لم يطف بقبره خائف إلاّ أمّن، و لا مستجير إلاّ أجير. و وفد غالب على عليّ بن أبي طالب، و معه ابنه الفرزدق، فقال له: من أنت؟قال: أنا غالب بن صعصعة المجاشعيّ. قال: ذو الإبل الكثيرة؟قال: نعم. قال: فما فعلت إبلك؟قال: أذهبتها النوائب، و ذعذعتها [2] الحقوق، قال: ذلك خير سبلها. ثم قال له: يا أبا الأخطل، من هذا الفتى؟قال: ابني الفرزدق. و هو شاعر. قال: علّمه القرآن، فإنّه خير له من الشعر، فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيّد نفسه، و آلى ألاّ يحلّ قيده حتى يحفظ القرآن.
و أمّ الفرزدق: لبنة بنت قرظة الضّبّيّة [3] ، و أخوه الأخطل [4] ، و أخته جعثن، هما أخواه لأبيه و أمّه. و الأخطل أسنّ من الفرزدق، و كان من وجوه قومه. و أمّ أبيه ليلى بنت حابس، أخت الأقرع بن حابس التّميميّ.
و صحّ أنّه قال الشّعر أربعا، و سبعين سنة، لأنّ أباه جاء به إلى عليّ، و قال: إنّ ابني هذا شاعر، في سنة ستّ و ثلاثين، و توفّي الفرزدق سنة عشر و مائة، في أوّل خلافة هشام بن عبد الملك، هو و جرير و الحسن و ابن شبرمة في ستّة أشهر [5] . و قد روي أنّه و جريرا ماتا في سنة أربع عشرة و مائة، و أنّ الفرزدق قارب المائة. و روى الرّياشيّ، عن سعيد بن عامر: أنّ الفرزدق
[1] في ك «الفرزدقة» . و هي العجين الذي يسوّى منه الرغيف.