و في رواية ابن سعد في الطبقات عن البرّاء بن عازب و زيد بن أرقم قالا:
لمّا كان عند غزوة جيش العسرة و هي تبوك قال رسول اللّه (ص) لعلي بن أبي طالب: إنّه لا بدّ من أن أقيم أو تقيم، فخلّفه، فلمّا فصل رسول اللّه (ص) غازيا قال ناس: ما خلّف عليّا إلاّ لشيء كرهه منه فبلغ ذلك عليّا فاتبع رسول اللّه (ص) حتّى انتهى إليه فقال له: ما جاء بك يا عليّ؟قال:
لا يا رسول اللّه إلاّ أنّي سمعت ناسا يزعمون أنّك إنّما خلّفتني لشيء كرهته منّي، فتضاحك رسول اللّه (ص) ، و قال: يا عليّ، أ ما ترضى أن تكون منّي كهارون من موسى غير أنّك لست بنبيّ؟قال: بلى يا رسول اللّه، قال: فإنّه كذلك [6] .
و قد مرّ بعض ألفاظ الحديث في باب من استخلفه النبيّ (ص) على المدينة في غزواته.
المراد من لفظ «منّي» في أحاديث الرّسول (ص) :
إنّ لفظ «منّي» في حديث «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» يوضّح المراد من هذا اللفظ في أحاديث الرسول (ص) الأخرى، و ذلك أنّ هارون لمّا كان شريك موسى في النبوّة و وزيره في التبليغ، و كان عليّ من خاتم الأنبياء بمنزلة هارون من موسى باستثناء النبوّة، يبقى لعليّ الوزارة في التبليغ.
و كذلك بيّن الرسول (ص) المراد من لفظ «منّي» في حديثه يوم عرفات في حجّة الوداع حيث قال:
[6] طبقات ابن سعد 3/ق 1/15. و مجمع الزوائد للهيثمي 9/111 باختلاف يسير.