وزيرك عليه. فأخذ برقبتي، ثمّ قال: إنّ هذا أخي و وصيّي و خليفتي فيكم، فاسمعوا له و أطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع.
كانت هذه الدعوة في السنّة الثالثة من البعثة، و هي أوّل مرّة أظهر فيها الرّسول (ص) الدعوة إلى الإسلام، و شخّص فيها الإمام من بعده و عرّفه للأقربين إليه. و إنّما فعل ذلك هنا، و لم يفعله بعدها بعشر سنوات و يوم أخذ البيعة من الأنصار لإقامة المجتمع الإسلامي، لأنّ الإمام كان من غير قبائل الأنصار و كان بناء المجتمع عندهم على أساس قبلي، و لم يكن من الحكمة أن يأخذ البيعة منهم لمن يلي الأمر بعده و هو ليس من قبائل الأنصار، فاكتفى في ذلك المقام بأخذ البيعة منهم أن لا ينازعوه في الأمر.
و في هذه المرّة شخّصه للأقربين إليه في محاورة شبيهة بمشاورة أصحابه في غزوة بدر، فإنّه مع علمه في غزوة بدر بعاقبة الأمر، كما أخبر بها أصحابه بعد الانتهاء من المشاورة و أراهم مصارع المشركين، مع ذلك استشارهم أوّل الأمر في ما يفعل، و كذلك فعل هنا، فإنّه مع علمه بالعاقبة و أنّ الّذي يقبل مؤازرته هو الإمام عليّ، مع ذلك علّق تعيين الوزير و الوصيّ و الخليفة من بعده على قبول المؤازرة في التبليغ و ليتقدّم بالقبول أيّهم شاء، و لمّا أبى كلّهم ذلك، و بادر بالقبول ابن عمّه عليّ، أخذ برقبته و قال فيه ما مرّ و أمرهم بطاعته.
رأينا في ما مرّ بنا إلى هنا اهتمام الرسول (ص) بأمر الإمامة من بعده:
يشخّصه في مكان، و يأخذ البيعة أن لا ينازعوه في مكان آخر، و يقابل طمع الطّامعين بالرفض في غيرهما.
و من أجل أن ندرك مدى اهتمام الرسول (ص) بأمر من يستخلفه من