و كان و اللّه كأحدنا يدنينا [1] إذا أتيناه، و يجيبنا إذا سألناه، [و يأتينا إذا دعوناه].
و كان مع تقرّبه إلينا و قربه منّا لا نكلّمه هيبة له، [و لا نبتدئه عظمة]، فإن تبسّم فعن مثل اللؤلؤ المنظّم.
يعظّم أهل الدين، و يحبّ المساكين.
لا يطمع القويّ في باطله، و لا ييأس الضعيف من عدله.
فأشهد باللّه لقد رأيته في بعض مواقفه، و قد أرخى الليل سدوله، و غارت نجومه، يتململ في محرابه، قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، و يبكي بكاء الحزين، فكأنّي أسمعه الآن و هو يقول: «ربّنا ربّنا» يتضرّع إليه [2] ثمّ يقول للدنيا:
«أنّى تشوفت لي، أنّى تعرضت لي، هيهات هيهات، غرّي غيري قد بتتّك ثلاثا، لا رجعة لي فيك، فعمرك قصير، و عيشك حقير، و خطرك كثير، آه آه، من قلّة الزاد، و بعد السفر، و وحشة الطريق».
فوكفت دموع معاوية على لحيته فما يملكها و جعلها ينشفها بكمّه [3] و يقول: