و قد نقل عن الفضل بن الربيع أنه أخبر عن أبيه أن المهدي لما حبس موسى بن جعفر، ففي بعض الليالي رأى المهدي في منامه علي بن أبي طالب و هو يقول: يا محمدفَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْقال الربيع: فأرسل إليّ ليلا فراعني و خفت من ذلك، فجئت إليه فإذا هو يقرأ هذه الآية، و كان أحسن الناس صوتا فقال: علي الآن بموسى بن جعفر، فجئته به فعانقه و أجلسه إلى جانبه و قال: يا أبا الحسن رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ علي كذا، فتؤمني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي؟ فقال:
و اللّه لا فعلت ذلك، و لا هو من شأني قال: صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار و رده إلى أهله إلى المدينة.
قال الربيع فأحكمت أمره ليلا فما اصبح إلا و هو على الطريق.
و قال هشام بن حاتم الاصم: قال لي أبي حاتم: قال لي شقيق البلخي ((رضي الله عنهم)): خرجت حاجا في سنة تسع و أربعين و مائة فنزلت القادسية فبينا أنا أنظر إلى الناس في زينتهم و كثرتهم فنظرت إلى فتى حسن الوجه شديد السمرة ضعيف، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة، في رجليه نعلان و قد جلس منفردا، فقلت في نفسي هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلّا على الناس في طريقهم، و اللّه لأمضين إليه و لأوبخنّه، فدنوت منه فلما رآني مقبلا قال: يا شقيق اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم، ثم تركني و مضى.
فقلت في نفسي: إن هذا لأمر عظيم قد تكلم بما في نفسي و نطق باسمي، و ما هذا إلا عبد صالح، لألحقنه و لأسألنه أن يحالني، فأسرعت في أثره فلم ألحقه و غاب عن عيني، فإذا نزلنا واقصة إذا به يصلي و أعضاؤه تضطرب و دموعه تجري، فقلت: هذا صاحبي أمضي إليه و استحله، فصبرت حتى جلس و أقبلت نحوه فلما رآني مقبلا قال لي: يا شقيق اتل:وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدىثم تركني و مضى.