فلاحظ ذلك و قايسه بما ثبت عند الشيعة، من أمر النبي صلّى اللّه عليه و آله بتقييد العلم و الحديث بكتابتهما، و ما أملاه صلّى اللّه عليه و آله على علي عليه السلام و كتبه هو بيده، و بقي عند المعصومين من أهل بيته، و أمر علي و الأئمة من بعده أصحابهم بكتابة الحديث و أحكام أمره، معلّلين ذلك بأنكم سوف تحتاجون إليه و قد عملوا بذلك و استفادوا منه حين حاجتهم، و نشكر اللّه على ما رزقنا من معرفة النبي الأعظم و معرفة أوصيائه الذين جعلهم خزنة لعلمه و مستودعا لحكمته و تراجمة لوحيه، و الذين بيّنوا فرائض اللّه و نشروا شرائع أحكامه و سنوا سنته فبهم علّمنا اللّه معالم ديننا و أصلح ما كان فسد في أزمنة طواغيت الأعصار من دنيانا و الحمد للّه رب العالمين.
أما العقل
و المراد به عندنا معناه اللغوي و العرفي، و هو قوة مودعة في الإنسان يدرك بها الكليات و يحكم بحسن الأشياء و قبحها، و الإنسان الذي له عقل سليم غير مغلوب للهوى يكون مدركات عقله بالنسبة لوظائفه الدينية و أفعاله و تروكه حجة له يجب اتباعها و له ان يفتي بها و للجاهل ان يقلده مع تحقق شرائطه.
فإن العقل بنفسه رسول من داخل و حجة من حجج اللّه في الباطن، كما ان الرسول عقل من خارج و حجة في الظاهر و له أحكام و لحكمه أقسام صالحة للإفتاء و التقليد.
منها ما لو كان ما أدركه كاشفا عن الحكم الشرعي، كما إذا أدرك الملازمة بين وجوب شيء و وجوب مقدمته، أو بين ما حكم به الشرع و حكم به العقل، فإذا علم بوجوب فعل شرعا كشف عن وجوب مقدمته شرعا، و إذا حكم عقله ابتداء بحسن شيء أو قبحه، كشف وجوبه أو حرمته شرعا، و كما إذا حكم العقل بحجية الظن الانسدادي فإنه يكشف بذلك عن الحكم الشرعي فحجية مدركات العقل في هذه الموارد، من جهة كونه كاشفا عن الحكم الشرعي.
و منها ما لو كان حكمه استقلاليا غير كاشف، كحكمه بوجوب مقدمة الواجب، أو بحسن شيء أو قبحه ابتداء مع عدم حكمه بالملازمتين، أو حكم في مورد لا حكم مولوي