نام کتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) نویسنده : حافظ رجب البرسي جلد : 1 صفحه : 348
خصومه؟ و القرآن يذكرك هذا من قوله: ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ[1]. أ ما سمعت قصة هاروت و ماروت و فطرس الملك؟ أ ما علمت أن الجن الطيار مسكنهم الهواء؟ و بطن الأرض مسكن المتمردين؟ فاختصمت طائفة من الجن فصعد إليهم الولي الأمين فطهرهم. أقبل من لا يعلم و لا يفهم و لا حظّ له من السرّ إليهم، فهو كما قيل لداود: الخل لا يدري بطيب حلاوة العسل. و يقول نزل من السماء و سيفه يقطر دما.
و لمن قيل في السماء، و كيف يقع القتل على الجن، و هم أجسام شفافة، و من أين للشفاف دم؟ فقلت: يا قليل العبرة، و كثير العبرة، و قطير القطرة، أ لم تمطر السماء دما و رمادا لقتل الحسين (عليه السلام) [2]؟
و من أين للسماء رماد و دم؟ بل هي آيات بيّنات. أ لم يعلم أن عليا قتل الجن و أخذ عليهم العهد؟
فإذا لم يكن لهم دم و لا نفوس فكيف وقع عليهم القتل، و ليس هذا مكان التأويل.
و صدق هذا المدّعي قوله سبحانه: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ[3]، و كيف يحرق النار من ليس بجسم؟ و كيف يتألّم بالعذاب من ليس له عروق و لا دم؟ و إذا كان الجن مخلوقين من النار و لا تؤثر النار فيهم فمن ترى يدخل النار عوضا عن إبليس و قد أضل الأوّلين و الآخرين؟
أفّ لعقلك المستقيم و رأيك العديم، أ ما علمت أن عليا منبع الأنوار، و آية الجبّار، و صاحب الأسرار، الذي شرح لابن عباس في ليلة حتى طفى مصباحها صباحها، في شرح الباء من بسم اللّه، و لم يتحوّل إلى السين، و قال: لو شئت لأوقرت أربعين بعيرا من شرح بسم اللّه الرحمن الرحيم [4].
فإن كبر عليك إعراضهم، و زادت عند سماع الأسرار أمراضهم، فأنشدهم و لا تنشدهم، أ ما ذا عليهم لو أجابوا الداعي، لكنّهم خلقوا بغير سماع.