responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مبادئ الإيمان نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 27

و من هذه الأدلة العقلية و السمعية ظهر لك ان الواجب هو المعرفة عن الدليل و البرهان و لا يكفي صرف الاعتقاد الحاصل غالباً من تقليد من الآباء و الامهات لأن الواجب هو العلم، و التقليد ليس بعلم، كيف و قد ذم اللّه سبحانه و تعالى التقليد في اصول الدين و العقائد حيث قال جلَّ شأنه في ذم الكفار قالوا إِنّٰا وَجَدْنٰا آبٰاءَنٰا عَلىٰ أُمَّةٍ وَ إِنّٰا عَلىٰ آثٰارِهِمْ مُقْتَدُونَ. و حث على النظر و الاستدلال بقوله تعالى: ائْتُونِي بِكِتٰابٍ مِنْ قَبْلِ هٰذٰا أَوْ أَثٰارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ.

في اثبات الصانع و اثبات توحيده، لا بد من تمهيد مقدمة (اولًا) و هي ان كل معنى يتصور في الذهن اذا نسبناه الى الوجود الخارجي، يعني لو فكّرنا انه هل هو موجود فعلًا او لا؟، و على الثاني يقبل الوجود او لا؟، و هل وجود ما هو موجود من ذاته او من غيره؟، و نرجع فنقول: كل معنى ذهني اذا قسناه الى الوجود فأما ان يكون نفس ذاته يقتضي أن يكون موجوداً، أي لو تصورناه مع قطع النظر من كل شي‌ء سوى ذاته لكان موجوداً.

و أما ان يكون نفس ذاته يقتضي ان لا يكون موجوداً، و أما ان يكون نفس ذاته لا يقتضي الوجود كما لا يقتضي العدم، بل هي في حلق الوسط بين الطرفين لا يقتضي هذا و لا ذاك. فالأول هو واجب الوجود لذاته، و الثاني هو الممتنع أي المستحيل لذاته، و الثالث هو الممكن الذي لا تقتضي ذاته الوجود و لا العدم، فقد يوجد و قد لا يوجد، فإن اقتضت علته وجوده وجد و صار موجوداً و واجباً بالغير، و ان لم توجد علة وجوده او وجدت علة عدمه كان ممتنعاً بالغير. و من هنا ظهر ان الواجب تارة يكون واجباً بالذات و هو واجب الوجود و تارة واجباً بالغير و هو الممكن الذاتي الذي وجد بوجود علته. و كذلك الممتنع تارة بالذات و هو المستحيل كاجتماع النقيضين و تارة بالغير و هو الممكنات الذاتية التي لم تتحقق علة وجودها، و يمتنع تحقق المعلول بدون العلة، اما الامكان فلا يكون الا ذاتياً و لا معنى للامكان بالغير اصلًا كما يظهر بأدنى تأمل. ثمّ من اخص لوازم الوجود و مزاياه القدم و استحالة ان يتطرق اليه العدم. و من اخص لوازم الامكان الحدوث أي كونه مسبوقاً بالعدم. يظهر من التأمل مما قدمناه من لوازم الواجب الذاتي أي واجب الوجود و استحالة اجتماع وجوبه الذاتي مع وجوبه الغيري لأن الواجب الغيري يمكن ان يرتفع بارتفاع الغيري، و الواجب الذاتي يستحيل ارتفاعه على كل تقدير. و بنحو آخر الواجب الغيري معلول و الواجب الذاتي لا علة له. و كون الشي‌ء معلولًا و غير معلول تناقض. و وجود الواجب الغيري زائد على ذاته. و الواجب الذاتي وجوده عين ذاته و هو بسيط لا تركيب فيه اصلًا و الا لكان ممكناً لاحتياجه الى الآخر، و الواجب الغيري مركب من الماهية و الوجود. و الماهية يمكن ان تتعدد بتعدد افرادها، و الواجب الذاتي يستحيل تعدده لأنه لا ماهية له و لو كان له ماهية لكان ممكناً و قد فرضناه واجباً بالذات و هذا خلف. و من كل هذا ظهر لك ان الممكن تتساوى نسبة الوجود و العدم اليه و ليس احدهما اولى من الآخر بل هما بالنسبة اليه مثل كفتي ميزان و لو كان احدهما اولى به من الآخر خرج من معنى الإمكان الذاتي و قد فرضناه ممكناً. و من جهة تساوي نسبة الطرفين اليه كان محتاجاً في وجوده الى المؤثر أي العلة و يستحيل الترجيح بلا مرجح فوجوده يستند الى وجود علته و عدمه لعدم علة وجوده. و علة احتياجه الى العلة هو امكانه لا حدوثه [1] و لذا يحتاج الممكن‌


[1] يقصد في هذه العبارة و ما بعدها ان الموجود بعد ان يحدث يبقى ممكناً و لا يكتسب صفة لوجوب بعد حدوثه، و يحتاج الى العلة لبقائه بعد حدوثه كما احتاجها قبل حدوثه، أي انه لا بد ان يتغير او يزول بعد حدوثه طال امد بقائه ام قصر أي يبقى ممكناً.

الناشر

نام کتاب : مبادئ الإيمان نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست