لو لم يقل أرسطو (384 ـ 322 ق م) الملّقب بالمعلِّم الأوّل : ( الإنسان مَدني بالطبع ) لابدّ لهُ من العيش ضمن مجتمع [1] ، لأمكننا أن ندرك من كلمة ( الإنسان ) ـ التي تَحمل معنى الأُنس والأُلفة ـ ضرورة إقامة العلاقات والارتباط ببعضنا .
ولهذا الارتباط مراحل وشروط يمكن بحثها في ضوء الآراء المختلفة ، إلاّ أنّ المُحور المشترك في أغلب الروابط يدور حول محور ( تحقيق المنافع ودفع الأضرار ) .
إنّ معنى ( ضرورة هذا الارتباط ) هو : الحاجة الكامنة في وجود كلّ إنسان التي تدفعه إلى معاشره الآخرين ، ليبثّهم همومه وأحزانه ، ويطلب منهم العون فيحقّق منافعه ويرفع الموانع التي تعترض طريقه في الحياة .
أجل ، إنّ هذا الميل نحو الارتباط بالآخرين كامن في جبلّة الإنسان ، وهو واضح عليه حتّى في طفولته ، إلاّ أنّه يتجلّى في فترة الشباب بشكلٍ أوضح ؛ نظراً إلى اتّساع دائرة قابلياته وحاجاته ، فيسعى من أجل ذلك بجهدٍ أكبر ، وبموازاة ذلك يزداد نشاطه ومعاشراته واكتسابه الأصدقاء ويغدو أكثر حسّاسية .