نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 8
الذين يطمعون بالسلطان فيها كأعمام المنصور مثلا.. الذي ثار أحدهم على المنصور بعد ذلك يريد الخلافة مكانه..
و كان ابن المقفع كاتبا مفكرا و صاحب دعوة اجتماعية للاصلاح، و في دعوته هذه، و ما كان ينشره بين الناس من رسائل و غيرها ما يخالف سياسة الدولة الجديدة التي كانت تقوم على هدر الحريات و إباحة الدماء دون ما ضابط و لا قضاء.. فلما طالب ابن المقفع باصلاح القضاء، كان كمن يريد تكبيل يدي الخليفة و منعه من عقاب من يشاء و قتل من يشاء دون محاكمة و لا سؤال..
و لهذا لا نستبعد أن يكون من الأسباب التي قتلت هذا الكاتب كتبه و رسائله كرسالة الصحابة، و كليلة و دمنة، و غيرهما لما فيها من نقد صريح لسياسة الضغط و الإرهاب و الديكتاتورية و تقييد الحريات... و دعوة الى الاصلاح و الاعمار، فما «كليلة و دمنة» في الواقع إلا دعوة اصلاحية على ألسنة الحيوانات، ظاهرها الهزل و باطنها البحث و النقد الشنيع لسياسة قائمة، لا يأمن المرء فيها على ماله و نفسه و حرياته..
و إذن فابن المقفع لم يكن من أنصار الحكم القائم، كان عدوا للعباسيين، يدين بالولاء لآل علي دونهم، و كان في الوقت نفسه فارسي الأصل، لا يستطيع أن يتناسى كيف ظفر العرب بقومه ففرضوا عليهم دينهم و لغتهم و سلطانهم، و عليه فقد التمس العمل عند أعمام المنصور ليأمن على نفسه، و ينعم بسلطان و نفوذ يستطيع بواسطتهما أن يصل إلى ما يريد و يرجو و يأمل..
و نحن بعد هذا لا نوجه لابن المقفع نقدا في سياسته هذه، فلكل امرئ رأيه، و حريته في التعبير عن أغراضه، و خير ما نقوله في الرجل انه كان انسانا كغيره من الآدميين في عيوبهم و حسناتهم، و لكنه كان في الوقت نفسه شيئا كبيرا في عهده، و كاتبا مرموقا في زمنه، و مفكرا رائعا، أوتي من حسن الاختيار و جودة الرأي، ما لم يظفر به الكثيرون..
آثاره
و ما لدينا الآن من آثار ابن المقفع بعضه مترجم، و بعضه مما ترجمه و زاد عليه، و بعضه مما سمعه من الأخبار و حفظه من النصائح و الأمثال فنقلها و أحسن في اختيارها، و بعضها مما وضعه حتما، و قد صبّ كل هذا في أسلوب جزل، و لغة جامعة اختار ألفاظها و ربط جملها فأحسن الربط و أوفى على الغاية.
و من مطالعتنا لآثار هذا الكاتب نرى أنه استمد معارفه و آراءه في الاصلاح و السياسة و الادارة من معارف الأمم في عصره، كالفرس و الهنود و اليونان.. فقد نقل ابن المقفع عن
نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 8