نام کتاب : كليلة و دمنة نویسنده : ابن المقفع جلد : 1 صفحه : 50
أحبّ أن تتكلّم في ذلك و تسعفه بحاجته و طلبته و اعلم أنّ ذلك ممّا يسرّني، و لا تدع شيئا من الاجتهاد و المبالغة إلاّ بلغته و إن نالتك فيه مشقّة و هو أن تكتب بابا مضارعا [1] لتلك الأبواب التي في الكتاب و تذكر فيه فضل برزويه و نسبه و حسبه و صناعته و أدبه و كيف كان ابتداء أمره و شأنه و تنسبه إليه، و تذكر فيه بعثته إلى بلاد الهند في حاجتنا و ما أفدنا من الحكم على يده من هنالك و شرفنا به و فضّلنا على غيرنا، و كيف كان حاله بعد قدومه و ما عرضنا عليه من الأموال فلم يقبله، فقل ما تقدر عليه من التقريظ و الإطناب [2] في مدحه و بالغ في ذلك أفضل المبالغة و اجتهد في ذلك اجتهادا يسرّ برزويه و أهل المملكة و إنّه لأهل لذلك من قبلي و من قبل جميع أهل المملكة و من قبلك أيضا لمحبّتك للعلوم، و اجهد أن يكون غرض هذا الكتاب الذي ينسب إليه أفضل من أغراض تلك الأبواب عند الخاصّ و العامّ و أشدّ مشاكلة [3] لحال هذا العلم، فإنّك أسعد النّاس كلهم بذلك لانفرادك به و اجعله أوّل الأبواب، فإذا أنت عملته و وضعته بحيث رسمت لك [4] فأعلمني لأجمع أهل المملكة و تقرأه عليهم فيظهر فضلك و اجتهادك في محبّتنا فيكون لك بذلك فخر.
فلمّا سمع بزرجمهر مقالة الملك خرّ له ساجدا و قال: أدام اللّه لك أيّها الملك البقاء و بلّغك أفضل منازل الصّالحين في الآخرة و الأولى، لقد شرّفتني بذلك شرفا باقيا إلى الأبد. ثمّ خرج بزرجمهر من عند الملك فوصف برزويه من أوّل يوم دفعه أبواه إلى المؤدّب و مضيّه إلى بلاد الهند في طلب العقاقير [5] و الأدوية، و كيف تعلّم خطوطهم و لغتهم إلى أن بعثه أنو شروان إلى الهند في طلب الكتاب، و لم يدع من فضائل برزويه و حكمته