ما قال «لا» قط الا في تشهده * * * و لو لا التشهد، لكان لاؤه «نعم»
و مما يذكر من بذله و عطائه: أنه كان جالسا في جامع، فقال له خادم الجامع:
انّ لي بنتين في سن الزّواج، و ما عندي لزواجهما غير جلباب العفة و درّات الدموع، فاشفع عند واحد من أهل الثروة لكي يساعدني في هذا المهم، فسأله أي قدر يكفيك لإنجاز هذا الأمر؟ قال مائتان و خمسون روبية.
و من الصّدف أنه قد وصل اليه ذلك اليوم نفسه هذا المقدار (و كان راتبا له شهريا) فدخل بيته و رجع و في يده هذا المبلغ فأعطاه مطابقا لسؤاله، غير مبال بمصارفه و عياله [1].
زهده في الدنيا و استغناؤه عن الناس
انّ (المفتي عباس) طيب اللّه مثواه، لما كان بمقتضى علمه و تقواه، خبيرا بحال الدنيا و قيمتها، عارفا بسرّها و سريرتها، من أنها امر زائل، و ظلّ مائل، جعل الزهد لنفسه دثارا، و الفقر له افتخارا، كما قال:
ازهد فزهد المرء آية فضله * * * و الفقر ليس بقادح في نبله
فنبيّنا قد كان يخصف نعله * * * مع أنه عرج السماء بنعله [2]
لم يعتن بأعلى شخصية بلحاظ ثروته، و لم يحضر مجلس أمير و لو خصّه بدعوته، كان يتحاشى عن أهل الثروة و مجالسهم، و يحب أهل المسكنة و مساكنهم.
فمما يحكى أن رجلا من أمراء (لكهنو) اسمه (مير جعفر مسيح) كان كثيرا ما يتمنى زيارته، فدعاه الى بيته، و كان من المتوقع أن يمدّه بمال كثير، لكنه لم يقبل أن يحضر عنده، و كتب في جوابه هذه الأبيات:
دوش پيغام مسيحا بمريضى گفتند * * * كه شد از بهر متاع تو خريدار مسيح
يعنى از لطف ترا مىطلبد عيسى تو * * * اى خوشا درد كه دارد سر بيمار مسيح