فإن الآيات ـ كما ترى ـ تشهد بأنّ سنّة الله في بقاء هذا النسل ، أن يتسبّب إليه بالنطفة ، لكنّه أظهره حينما أظهره بخلقه من تراب ، وأنّ آدم خُلِق من تراب ، وأنَّ الناس بَنوه ، فظهور الآيات في انتهاء هذا النسل إلى آدم وزوجته ممّا لا ريب فيه ، وإن لم تمتنع من التأويل .
وربّما قيل : إنّ المراد بآدم في آيات الخِلْقة والسجدة آدم النوعي دون الشخصي ، كأن مطلق الإنسان من حيث انتهاء خَلقه إلى الأرض ، ومن حيث قيامه بأمر النسل والإيلاد سُمِّي بآدم ، وربّما اسُتظهر ذلك من قوله تعالى : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ ... )[4] ، فإنّه لا يخلو عن إشعار بأنّ الملائكة إنَّما أُمروا بالسجدة لمَن هيّأه الله لها بالخلق والتصوير ، وقد ذكرت الآية أنّه جميع الأفراد لا شخص إنساني واحد معيَّن حيث قال : ( وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ... )، وهكذا قوله تعالى : (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ـ إلى أن قال : ـ * قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * ـ إلى أن قال : ـ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ