المقام الأول

في صلح الإمام الحسن (عليه السلام) مع معاوية

قد كثر الحديث في الصلح المذكور تقييماً ونقد، حسب اختلاف توجهات المتحدثين، ومداركهم. ولا يسعنا تعقيب ما ذكروه، بل الأنسب الاقتصار على عرض وجهة نظرن، وتقريبه، فنقول:

تعذر انتصار الإمام الحسن (عليه السلام) عسكري

الذي يتراءى لنا أن إصرار الإمام الحسن (صلوات الله عليه) على حرب معاوية وثباته عليها حتى النهاية، إن كان من أجل الانتصار والحفاظ على استقامة مسار السلطة في الإسلام، فالنظرة الموضوعية لظروف الصراع بين الإمام ومعاوية تشهد بتعذر انتصار الإمام (عليه السلام) عسكري.

وذلك لتصاعد قوة معاوية وطغيانه، ووهن أهل العراق بعد التحكيم الذي أشعرهم بالخيبة، وسبب لكثير منهم الإحباط.

ولاسيما بعد انشقاقهم على أنفسهم في فتنة الخوارج وحربهم معهم، وما تسبب عن ذلك أو قارنه من ظهور الأحقاد بينهم، ومللهم من الحرب، وضعف بصائر كثير منهم، وانفتاح عيون جماعة من رؤسائهم على الدني، وانخداعهم بالمغريات التي كانوا ينتظرونها من معاوية، ولا يتوقعون شيئاً منها من الإمام الحسن (عليه السلام)، نتيجة مبدئيته وسيره على نهج أبيه (صلوات الله عليه) ... إلى غير ذلك.