لكن يظهر اتضاح الضوابط في الفقه وجميع شؤون الدين بعد ذلك، وتبلورها نتيجة الإنكار على الظالمين وتعريتهم، والتأكيد من أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) ومن شيعتهم، بل من الجميع، على انحصار المرجعية في الدين بالكتاب المجيد والسنة الشريفة، وعدم جواز الأخذ من غيرهم، وأن ذلك هو الابتداع المنهي عنه عقلاً وشرع.
وقد اضطر ذلك الجمهور أخيراً إلى التراجع عن الموقف المذكور من سنة الشيخين، والبناء على انحصار المرجعية في الدين بالكتاب والسنة، وأنه لابد أن يكون منهما الانطلاق لتحديد الأدلة في أحكام الدين وشؤونه.
نعم، تحول الخلاف بعد ذلك إلى الخلاف في الضوابط والأدلة التي يدل الكتاب المجيد والسنة الشريفة على حجيتها في أمور الدين. ولذلك الأثر الكبير في اختلاف المسلمين، وظهور الفرق والمذاهب فيهم.
إلا أنه ليس بتلك الأهمية بعد الاتفاق على انحصار المرجعية في الكتاب والسنة، لأن طالب الحق يبقى حراً في الاختيار على ضوء هذين المرجعين العظيمين. وهو كاف في قيام الحجة على الدين الحق ووضوح معالمه، كما تكفل الله عز وجل بذلك. ولا يضره بعد ذلك التكلف والتعصب ضدّ الحق وأهله.
موقف الجمهور أخيراً من سنة الشيخين
أما موقف الجمهور من سيرة الشيخين فقد انحصر بين أمرين:
الأول: ترك بعض سننهم، كما حصل في متعة الحج التي حرمها عمر وغيره.
الثاني: دعوى دعم الكتاب أو السنة لما سناه، كما حصل في متعة النساء