الثاني: أن التحريف كثيراً ما ينتهي بالدين إلى أساطير وخرافات وتناقضات تتنافى مع الفطرة، ولا يتقبلها العقل السليم. فإما أن يرفضه أهل المعرفة جملة وتفصيل، أو يكتفوا في اعتناقه بمحض الانتساب تأثراً بالبيئة، أو مع التبني، تعصباً وتثبيتاً لهويتهم التي توارثوها عن آبائهم، من دون أن يأخذ موقعه المناسب من نفوسهم.
ويتضح ذلك بالنظرة الفاحصة للتراث الذي ينسب للأديان السماوية السابقة على الإسلام، وتتبناه حتى الآن المؤسسات الدينية الناطقة باسمه.
وهكذا الحال في كثير من التراث الإسلامي المشوه الذي كان لانحراف السلطة الأثر في إقحامه في تراث الإسلام الرفيع.
وقد استغله أعداء الإسلام ـ من المستشرقين وأمثالهم ـ للنيل من الإسلام والتهريج عليه. وهم يجهلون أو يتجاهلون براءة الإسلام منه، وأنه دخيل فيه مكذوب عليه.
بل من القريب أن تكون كثير من الأديان الباطلة الوثنية وغيرها ترجع في أصولها إلى أديان سماوية حقة، قد مسختها يد التحريف والتشويه، حتى أخرجتها عن حقيقته، وإن بقيت تحمل بعض ملامحه، أو شيئاً من تعاليمه.
ويتضح ذلك في العرب قبل الإسلام حيث بقيت فيهم كثير من ملامح دين إبراهيم (على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام) كالحج والعمرة والختان وغسل الجنابة والميت وكثير من محرمات النكاح. وتعظيم البيت الحرام، واحترام إبراهيم نفسه، وغير ذلك.