لكن الظاهر أن رفعة مقام أهل البيت (صلوات الله عليهم) حملت الجمهور على ترك روايتها وتدارسه، لأنها صارت عاراً على أحاديث الجمهور، ونقطة ضعف فيه، تستغل ضده، وتكون سبباً للتشنيع عليه.
ولاسيما مع التزام الجمهور بعد ذلك بعدالة جميع الصحابة ـ بمعنى كل من رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من المسلمين وسمع حديثه ـ وتوثيقهم لكثر ممن روى تلك الأحاديث من التابعين.
لظهور أن تلك الأحاديث تكشف عن كذب الراوي لها من الصحابة، أو كذب الراوي لها من التابعين ممن ذهب الجمهور إلى توثيقه والاعتماد على حديثه، فأهملت تلك الروايات نوعاً في كتب الحديث.
ولم يبق منها إلا ما قد يعثر عليه المتتبع في بعض كتب التاريخ أو الاحتجاج أو التراجم أو غيرها مما تضمن ذكره، لا من أجل الاهتمام بروايتها وتدارسه، بل لغرض آخر. ولا يوجد منها في كتب الحديث إلا ما ندر.
قال ابن أبي الحديد: "وأما عمرو بن العاص فروي عنه الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما مسنداً متصلاً بعمرو بن العاص، قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: إن آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء. إنما وليي الله وصالح المؤمنين" [1] .
نعم يبدو أن بشاعة الحديث، وذهاب الجمهور أخيراً إلى عدالة جميع الصحابة، وتعظيمهم للصحيحين، وحكمهم بصحة جميع رواياتهم، كل ذلك اضطر المتأخرين إلى حذف كلمة (طالب) وجعل موضعها بياضاً [2]، أو إثبات