ـ وما لي لا أعجب ـ من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينه، لا يقتصون أثر نبي، ولا يقتدون بعمل وصي، ولا يؤمنون بغيب، ولا يعفّون عن عيب. يعملون في الشبهات، ويسيرون في الشهوات. المعروف عندهم ما عرفو، والمنكر عندهم ما أنكرو. مفزعهم في المعضلات إلى أنفسهم، وتعويلهم في المبهمات على آرائهم. كأن كل امرئ منهم إمام نفسه، قد أخذ منها فيما يرى بعرىً ثِقات، وأسباب محكمات" [1] .
وقد حقق ذلك الأرضية الصالحة لانقسام الأمة، وظهور الفرق في الإسلام، التي بدأت بالخوارج، وتتابعت من بعدهم حتى يومنا هذ. وإنا لله وإنا إليه راجعون. والحديث في ذلك طويل نقتصر منه على ما ذكرن.
ظهور الابتداع في الدين ومخالفة نصوصه
الأمر الثاني: ظهور الابتداع في الدين ومخالفة نصوصه وتجاوزه، كما يتضح ذلك بالرجوع لما ذكره أهل الحديث وعلماء الكلام والمؤرخون.
والناس على دين ملوكهم يأخذونه منهم. بل كثيراً ما لا يهتمون بمعرفة دينهم والتقيد به، أو يقدمون طاعتهم على ما يعرفون من دينهم. وقد تقدم عند التعرض لتركيز السلطة على وجوب الطاعة بعض مفردات ذلك.
ويأتي إن شاء الله تعالى في المقام الأول من المبحث الثاني كلام لأمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يتعرض فيه لبعض تلك المخالفات والبدع [2] .