الفاتحة الاولى في بيان الحاجة إلى علم الرجال على سبيل الإجمال
، كما هو دأبنا في هذا الكتاب، و اللّه الموفِّق للصَّواب.
اعلم أنَّ العمل بأخبار الآحاد الَّذي هو أحد أركان الاجتهاد موقوف بالوقوف على وثاقة رواتها و الاعتماد عليهم، لأنَّ الأدلَّة الَّتي ذكروها في حجّية الأخبار لا تخلو من ثلاثة أقسام: قسم يقتضي حجّيتها لإفادتها الظَّنَّ بمضمونها كما هو مقتضى أدلَّة حجّية مطلق الظنّ، و قسم يقتضي حجّيتها من حيث كونها خبراً كما هو مقتضى آية النبإ و ما شابهها، و قسم يقتضي حجّيتها من حيث كونها خبراً مأثوراً من المعصوم (عليه السلام) كما هو مقتضى الإجماع المدّعى في هذا المقام، و لا ريب أنَّ لمعرفة الرجال في العمل بالخبر بجميع أقسامه مدخلًا عظيماً، بل توقّفاً بيّناً.
أمّا الأوَّل فلأنَّ الظنَّ الحاصل عن الخبر يختلف شدَّة و ضعفاً باختلاف رواته وثاقةً و ضعفاً، بل من الأخبار ما لا يكاد يفيد الظنَّ أصلًا، و أمّا الثاني فلأنَّ مقتضاه العمل بخبر غير الفاسق، فالاحتياج إلى علم الرجال حينئذٍ لتشخيص الموضوع، فإنَّ خبر الفاسق يتميَّز بعد معرفة الرجال، و أمّا الثالث فلأنَّ الإجماع المدَّعى إنَّما هو على حجيَّة الخبر في الجملة لأعلى حجيَّة جميع الأخبار، بل القدر المسلَّم ما كان راويه عدلًا إماميّاً متحرّزاً عن