نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 17
بين يدَي الكتاب
ـ 1 ـ
إنَّ هذا الجهد الذي أقدِّمه لقرَّائنا الأعزَّاء لم يكن نتاج حُبالةٍ طبيعية ؛ وإنَّما هو ـ كغيره من كُثَّرِ مخلَّفات شهدائنا الأبرار ـ قد مرَّ بولادةٍ عسيرةٍ ، وقد رافقته مخاضاتٌ ومخاضات... لعل من آخرها محنة ما يسمَّى: التسفير!! هذا إنْ صحَّ في شرعة القانون والإنسان والإسلام والعُربان أنَّه تسفير.
أجل! تسفير بدون تفسير ، أبَّان الحرب العراقية الإيرانية ، في مطالع العقد الأول من القرن الرابع ، بعد عشر قرون من هجرة رسولنا الكريم ، وأوائل العقد ما قبلِ الأخير من القرن العشرين من ميلادِ سيِّدنا المسيح.
هو ذا الجُهد ، تنقُّلٌ من تنقُّل ، بين مراكز التوقيف والتسفير ؛ مع قوافل ما يسمَّون بـ: المهجَّرين ؛ وجحافل ما يسمَّون بـ: المعاودين ؛ وما يحلو لبعض أن يشير إليهم بـ: المطرودين..
هو ذا الجهد ، طالما تُرك على الأرض ، كغيره من بقيَّة نتاجات ؛ تلك التي قد غفلت عنها عيون وعيون ، بعد أن رعتها عين ورحمة ذلكم الرقيب ، الذي هو أقرب إلينا من حبل الوريد.
أجل ، وكان لذلك الجهد أن يجتاز حدوداً ، ويتوحَّل طيناً ، ويرتاد ثلوجاً ؛ ويصعد جبالاً ، وينزل وهاداً ، ويقاسي من بردٍ ، ويصحب مأساة عائلةٍ بأطفالٍ ، ويكابد من مطر ، ويتعرَّض لرياحٍ ، ويتحمَّل غباراً ، ويصاحب مع الضعف الكِبَر ، ويئنُّ من كثرة مسير في العراء ، إلاّ من أديم الأرض وغطاء السماء.
نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 17