وهو حديث ورد بطريقٍ ، فيروى بغيره ؛ إمَّا بمجموع الطّريق ، أو ببعض رجاله ، بأنْ يقلب بعض رجاله خاصَّةً ؛ بحيث يكون أجود منه ، ليرغب فيه.
ـ 1 ـ
وقد يقع سهواً ، كحديث يرويه محمد بن أحمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، وكثيراً ما يتّفق ذلك في إسناد التهذيب.
ومثله: محمد بن أحمد بن يحيى ،عن أبيه أحمد بن محمد بن يحيى ، عن محمّد بن يحيى ؛ فيقلب الاسم ، ونحوه من الأغراض الموجبة للقلب.
ـ 2 ـ
وقد يقع ذلك القلب من العلماء ، بعضهم لبعض ؛ للامتحان ، أي امتحان حفظهم وضبطهم ، كما اتّفق ذلك لبعض العلماء ببغداد[2].
[1] الذي في النسخة الخطِّـيَّة المعتمدة (ورقة 37 ، لوحة ب ، سطر6): (السابع: المقلوب) فقط ، بدون: (الحقل السابع: في المقلوب).
[2] قال الخطيب البغدادي عن علماء بغداد حين قدم عليهم البخاري: (... فإنَّهم اجتمعوا وعمدوا إلى مئة حديث ، فقلبوا متونها وأسانيدها ؛ جعلوا متن هذا لإسناد آخر ، وإسناد هذا لمتن آخر ، ودفعوها إلى عشرة أنفس ، إلى كلِّ رجل عشرة ، وأمروهم إذا حضروا المجلس ، يلقون ذلك على البخاريّ ، وأخذوا الوعد للمجلس.
فحضر المجلس جماعة أصحاب الحديث من الغرباء ؛ من أهل خراسان ، وغيرهم من البغداديِّين . فلمَّا اطمأنَّ المجلس بأهله ، انتدب إليه رجل من العشرة ، فسأله عن حديث من تلك الأحاديث ، فقال البخاريّ: لا أعرفه . فسأله عن آخر ، فقال: لا أعرفه . فما زال يلقي عليه واحداً بعد واحدٍ حتّى فرغ من عشرته ، والبُخاريّ يقول: لا أعرفه ، فكان الفهماء ـ ممَّن حضر المجلس ـ يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون: فهم الرجل ، ومَن كان منهم غير ذلك يقضي على البُخاريّ: بالعجز ، والتقصير ، وقلّة الفهم.
ثُمَّ انتُدب إليه رجلٌ آخر من العشرة ، فسأله عن حديثٍ من تلك الأحاديث المقلوبة ، فقال البخاريّ: لا أعرفه . فلم يزل يلقي عليه واحداً بعد واحد ، حتّى فرغ من عشرته ، والبخاريُّ يقول: لا أعرفه.
ثُمَّ انتدب إليه الثالث ، والرابع ، إلى تمام العشرة ، حتّى فرغوا كلّهم من الأحاديث المقلوبة ، والبخاريّ لا يزيدهم على: لا أعرفه.
فلمَّا علم البخاريّ أنَّهم قد فرغوا ، التفت إلى الأوّل منهم فقال: أمَّا حديثك الأوّل فهو كذا ، وحديثك الثاني فهو كذا ، والثالث والرابع على الولاء ، حتّى أتى على تمام العشرة ، فردّ كلَّ متن إلى إسناده ، وكلّ إسناد إلى متنه.
نام کتاب : شرح البداية في علم الدراية نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 153